فأدخل اللام في خبر «لكنّ» ، وهذا لا دليل فيه لأنّه لم يسمع إلّا في هذا ، فيمكن أن تكون اللام زائدة كما زيدت في خبر «أنّ» المفتوحة في قراءة من قرأ : إلا أنهم ليأكلون الطعام (١). وفي خبر المبتدأ في الضرورة ، نحو قوله [من الرجز] :
٢٩٠ ـ أمّ الحليس لعجوز شهربه |
|
ترضى من اللّحم بعظم الرقبه |
فأدخل اللام في «عجوز» ، وهو خبر المبتدأ.
ويمكن أن تكون اللام هنا دخلت في خبر «إنّ» ، وذلك بأن يكون الأصل : ولكن إنّي من حبّها لعميد ، فنقل حركة همزة «إنّي» إلى نون «لكن» على حد نقلها في : «قد افلح» ، فصار «ولكنني» ، ثم أدغم نون «لكن» في النون الساكنة من «إنّي» إجراء للمنفصل مجرى المتصل ، كما قالوا في «جعل لك» : جعلّك ، وكقوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) (٢).
______________________
ـ وجملة : «يلومونني» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «لكنني لعميد» استئنافيّة لا محلّ من الإعراب.
الشاهد فيه قوله : «لعميد» حيث دخلت لام الابتداء على خبر «لكنّ» وهذا جائز عند الكوفيين.
(١) الفرقان : ٢٠.
٢٩٠ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٠ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٧٤ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٣٠ ، ٨ / ٢٣ ؛ وله أو لعنترة بن عروس في خزانة الأدب ١٠ / ٣٣٣ ؛ والدرر ٢ / ١٨٧ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٠٤ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٥٣٥ ، ٢ / ٢٥١ ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٣٥٨ ؛ وجمهرة اللغة ص ١١٢١ ؛ والجنى الداني ص ١٢٨ ؛ ورصف المباني ص ٣٣٦ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٣٧٨ ، ٣٨١ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٤١ ؛ وشرح ابن عقيل ص ١٨٥ ؛ وشرح المفصل ٧ / ٥٧ ؛ ولسان العرب ١ / ٥١٠ (شهرب) ؛ ومغني اللبيب ١ / ٢٣٠ ، ٢٣٣ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٤.
شرح المفردات : أم الحليس : الأتان ، والحلس : كساء رقيق يوضع تحت برذعة الدابة. شهربة : عجوز كبيرة.
الإعراب : «أمّ» : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، وهو مضاف. «الحليس» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «لعجوز : «اللام» : حرف زائد ، و «عجوز» : خبر المبتدأ مرفوع بالضمّة. «شهربة» : نعت «عجوز» مرفوع.
وجملة «أم الحليس لعجوز» : ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد : قوله : «لعجوز» حيث جاء ما ظاهره تأخير الخبر المقترن بلام الابتداء. ولهذا ذهب العلماء إلى أنّ اللام ليست للابتداء ولكنّها زائدة. وقيل : «عجوز» خبر لمبتدأ محذوف كانت اللام مقترنة به ، وأصل الكلام : «أم الحليس لهي عجوز».
(٢) الكهف : ٣٨.