وإنّما لم يجز أن تبقي الفعل على لفظه وتدخل اللام لأنّك لو قلت : «والله ليقوم زيد» ، لأدّى ذلك إلى الالتباس في بعض المواضع ، وذلك إذا قلت : «إنّ زيدا والله ليقوم» ، لم تدر هل «يقوم» خبر «إنّ» أو جواب للقسم ، ولا يجوز إدخال النون فارقة فتقول : «إنّ زيدا والله ليقومنّ» ، لأنّ النون تخلّص للاستقبال.
وقد تدخل عليه اللام وحدها ولا يلتفت إلى اللبس ، إلّا أنّ ذلك قليل جدا بابه الشعر. قال الشاعر [من الطويل] :
٣٨٠ ـ تألّى ابن أوس حلفة ليردّني |
|
إلى نسوة كأنّهنّ مفائد |
إلا أن يكون جواب القسم «لو» وجوابها ، فإنّ الحرف الذي يربط المقسم به بالمقسم عليه إذ ذاك إنّما هو «أن» ، نحو : «والله أن لو قام زيد قام عمرو» ، ولا يجوز الإتيان باللام كراهة من الجمع بين لام القسم ولام «لو» ، فلا يجوز «والله لو قام زيد لقام عمرو».
______________________
٣٨٠ ـ التخريج : البيت لزيد الفوارس في خزانة الأدب ١٠ / ٦٥ ، ٧١ ؛ والدرر ٤ / ٢٢٤ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٥٧ ؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٤٠ ؛ والمقرب ١ / ٢٠٦.
اللغة : تألّى : أقسم ، حلف. ليردّني : يروى بكسر اللّام على أنّها للتعليل تنصب بـ «أن» مضمرة. ويروى بفتح اللام على أنّها لام جواب القسم. وفي هذه الحال يجب اقتران الفعل المضارع بنون التوكيد ، ولكن ترك توكيده إمّا لكونه حالا ، وإمّا جريا على مذهب سيبويه في تجويز مجيئه غير مؤكّد. المفائد : ج المفأد ، وهو الخشبة التي تحرّك بها النار ، وقد شبّه بها النساء في السواد واليباس لما هنّ عليه من الهزال.
المعنى : يقول : لقد أقسم ابن أوس أن يردّني إلى نساء شبيهات بالمفائد ، أي سود قبيحات وهزيلات.
الإعراب : تألّى : فعل ماض مبنيّ على الفتحة المقدّرة على الألف للتعذّر. ابن : فاعل مرفوع بالضمّة الظاهرة ، وهو مضاف. أوس : مضاف إليه مجرور بالكسرة. حلفة : مفعول مطلق منصوب بالفتحة. ليردّني : اللام واقعة جوابا للقسم. «يردّني» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة الظاهرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو» ، والنون للوقاية ، والياء ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. إلى : حرف جرّ. نسوة : اسم مجرور بالكسرة الظاهرة ، والجار والمجرور متعلّقان بالفعل «يردّ». كأنهنّ : حرف مشبّه بالفعل ، «هن» : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب اسم «كأن». مفائد : خبر «كأنّ» مرفوع بالضمّة الظاهرة.
وجملة : «كأنّهنّ مفائد» في محلّ جرّ نعت «نسوة».
الشاهد فيه قوله : «ليردّني» حيث دخلت اللام وحدها على جواب القسم وهو فعل مضارع مثبت ، وهذا من القليل.