والجمع لشبهه به في الضمير ، لأنك تقول : «رأيته» ، و «مررت به» ، و «رأيتك» ، و «مررت بك» ، ولأنّ الألف أقرب إلى مخرج الياء منها إلى مخرج الواو ، لأنّ الألف من الحلق والياء من وسط اللسان والواو من الشفتين.
ورفع بالألف لأنّ التثنية لو كانت مرفوعة بالواو ، نحو : «جاءني الزيدون» ، لالتبست بجمع المنقوص في مثل مصطفون ، فقلبت لذلك الواو في التثنية ألفا حملا على «يأجل» لأنّ أصله «يوجل».
ونصب جمع المؤنث السالم بالكسرة وليست من جنس الفتحة حملا على نظيره وهو جمع المذكر السالم ، لأن الجمع بالألف والتاء في المؤنّث نظير الجمع بالواو النون في المذكر في أن كل واحد منهما جمع سلامة ، وكما حمل منصوب جمع المذكر السالم على مجروره في الياء حمل منصوب جمع المؤنث السالم على مجروره في الكسرة ، وأيضا فإن المذكر أصل في المؤنّث والمؤنّث فرع عنه ، والفروع كثيرا ما تحمل على الأصول.
ورفعت الأمثلة الخمسة بالنون لمّا تعذّر رفعها بالواو المجانسة للضمة كراهة لاجتماع حرفي علة ، لأن النون تشبه الواو في أنها من حروف طرف الفم وفي أن في الواو لينا وفي النون غنّة ، والغنّة شبيهة باللين الذي في الواو ، ومما يبيّن شبه الواو بالنون إدغامهم لها في : «من وال» ، ولا يدغم إلا المثلان والمتقاربان. ونصبت هذه الأمثلة أيضا بحذف النون وإن لم يكن من جنس الفتحة حملا للنصب فيها على الجزم ، وحمل النصب فيها على الجزم حملا لها على نظائرها من الأسماء ، وذلك أن «يفعلان» و «يفعلون» و «تفعلين» نظير «الزيدان» و «الزيدون» و «الزيدين» في لحاق النون الزائدة وحرف العلة ، والخفض في الأسماء نظير الجزم في الأفعال في أن هذا يختص بالأسماء وهذا يختصّ بالأفعال ، فلمّا حمل منصوب الاسم المثنى والمجموع على مخفوضه في الخفض الذي انفردت به الأسماء فنصب بالياء ، حمل منصوب الفعل في هذه الأمثلة على مجزومه في الجزم الذي انفردت به الأفعال ، فنصب بحذف النون.
وخفضت الأسماء التي لا تنصرف بالفتحة لأنّها لما أشبهت الأفعال وحكم لها بحكمها فلم تنون ولم تخفض كالأفعال ، حمل فيها الخفض على النصب ، كما أنّه لما تعذّر النصب حمل على الخفض للشبه الذي بينهما.