لا يجعل شيئا منها تحت حنكه ـ فيما ذكرناه أظهر ، والظاهر من كلام السيد ايضا ان فهمه موافق لفهمنا لانه قال أولا : الفصل الثاني في ما نذكره من التحنك بالعمامة عند تحقق عزمك على السفر لتسلم من الخطر ، ثم قال بعد إيراد الروايتين ما قدمنا ذكره ، فظهر انه فسر التحنك بما ورد شرحه في الروايتين من إسدال العمامة وروى الكليني والشيخ عن عثمان النوا (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) اني اغسل الموتى قال أو تحسن؟.» ثم ساق الرواية وفيها قال : «خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ثم ردها الى خلفه واطرح طرفيها على صدره». ثم قال : وكذا سائر أخبار تعميم الميت ليس فيها غير إسدال طرفي العمامة على صدره كما عرفت في باب التكفين. انتهى.
أقول : لا يخفى ان ما ذكره (قدسسره) لا يخلو من تعسف ظاهر وتكلف لا يخفى على الخير الماهر ، وينبغي ان يعلم أولا انه لا ريب ان كلمات أهل اللغة كلها منطبقة على الاخبار المتقدمة في التحنك ومتفقة معها على وجه لا يداخله التشكيك. والاخبار الأخيرة الدالة على الإسدال مخالفة لتلك الاخبار ولكلام أهل اللغة مخالفة ظاهرة والجمع بما ذكره بين الجميع تعسف ظاهر ، نعم يمكن الجمع بما سيأتي ذكره في آخر البحث.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن وجوه النظر في كلامه (قدسسره) عديدة :
(أحدها) ـ انه لا يخفى على ذي الذوق السليم والفهم القويم ان كلمات أهل اللغة التي نقلها كلها متفقة الدلالة ظاهرة المقالة في الانطباق على المعنى المشهور وان تفاوتت في البيان والظهور ولا سيما قول الجوهري «التلحي تطويق العمامة تحت الحنك» يعني جعلها كالطوق كما نقله عن علماء البحرين وهو مرادف لقوله أولا «التحنك التلحي وهو ان تدير العمامة من تحت الحنك» وإلا لزم الاضطراب في كلامه ، وحينئذ فحيثما ذكرت هذه العبارة أعني قوله : «تدير العمامة من تحت الحنك» فإنما المراد بها التطويق وجعلها كالطوق واين هذا من الإسدال الذي دلت عليه تلك الأخبار؟ وكذا قول الجزري في تفسير
__________________
(١) الوسائل الباب ١٦ من التكفين.