الثانية ان خص النهي بالرجوع الى القيد كما هو المشهور ، وان رجع الى القيد والمقيد كان فيه دلالة على تحريم الجماعة مرة ثانية مع الأذان والإقامة. والأمران مشكلان ، والشيخ في التهذيب بعد ان ذكر هذه العبارة أورد حديث ابي علي دليلا عليها ، ثم قال بعد نقل الحديث بتمامه : والذي يدل على ما قلناه من انه لا يؤذن ولا يقيم متى أرادوا الجماعة ما رواه محمد بن احمد بن يحيى ، ثم ساق رواية زيد بن علي المتقدمة. وحينئذ فمعنى آخر الخبر على ما فهمه الأصحاب انما هو لا يبدو لهم أو يبدر يعني بأذان واقامة. وهذا الخبر وان كان مجملا في الدلالة على هذا المعنى إلا ان حديث زيد المذكور صريح في ذلك. وما ذكره المحدث الكاشاني في تأويله ـ حيث انه اختار مذهب الصدوق من حمله على الرخصة في خصوص الاثنين حيث انه مورد الخبر ـ بعيد غاية البعد. والاحتياط لا يخفى.
(الثانية) ـ قد علق إعادة الأذان في خبري أبي بصير على تفرق الصف فان تفرقوا اذن واقام ، والتفرق يصدق بذهاب بعضهم وبقاء بعض ، وحينئذ فيؤذن ويقيم في هذه الصورة ولا يترك الأذان والإقامة إلا مع بقائهم جميعا الذي هو مصداق عدم التفرق ، وعلى هذا تلزم المنافاة لخبر ابي علي الدال على انه مع انصراف بعضهم وبقاء بعض فإنه لا يؤذن ولا يقيم ، فالواجب حمل التفرق في الخبرين المذكورين على انصراف الجميع وذهابهم كلهم جمعا بين الاخبار ، فلو بقي بعضهم ولو واحدا كفى في سقوط الأذان وهو اختيار شيخنا الشهيد الثاني. ويمكن جعل المناط في سقوط الأذان بقاءهم كملا أو بقاء الأكثر وان ذهب الأقل. إلا ان ظاهر خبر زيد النرسي مما يؤيد ظاهر الخبرين المذكورين ، فان الظاهر ان معناه هو انك إذا أدركت الجماعة وقد انصرف القوم اي فرغوا من الصلاة ووجدت الامام مكانه وأهل المسجد لم يتفرقوا يعني لم يخرجوا من المسجد بل بقوا مشتغلين بالتعقيب والذكر فإنه يجزيك أذانهم وإقامتهم ، وإذا وافيتهم وقد فرغوا من صلاتهم وهم جلوس لغير التعقيب بل لأمور أخر فأقم بغير أذان ، وان وجدتهم قد تفرقوا وخرج بعضهم من المسجد فأذان وأقم. وهو غريب لا قائل به في ما اعلم.