وكراهته لا يوجب انسحاب ذلك الى الحكم المذكور لجواز اشتمال الخبر على أحكام متعددة كما ذكروه في غير موضع.
ثم ان ظاهرهم الاتفاق على جواز الارتزاق من بيت المال إذا اقتضته المصلحة لأنه معد لمصالح المسلمين والأذان من أهمها. والظاهر انه لو وجد من يتطوع به قدم على المرتزق ، صرح بذلك في الذكرى.
قيل والظاهر ان الإقامة كالأذان ، ونقل عن العلامة في النهاية عدم جواز الاستئجار عليها وان قلنا بجواز الاستئجار على الأذان فارقا بينهما بأن الإقامة لا كلفة فيها بخلاف الأذان فإن فيه كلفة مراعاة الوقت. قال في المدارك وهو غير جيد إذ لا يعتبر في العمل المستأجر عليه اشتماله على الكلفة.
أقول : لا يخفى ان مورد الأخبار المتقدمة انما هو الأذان الإعلامي الذي هو محل البحث غالبا في المقام واما الأذان والإقامة المستحبان لكل من صلى الإتيان بهما من منفرد أو جامع فلا نص فيهما بوجه ، وتكلف البحث فيهما كما ذكروه لا وجه له وهو من باب «اسكتوا عما سكت الله عنه» (١). ولانه من المعلوم من الاخبار توجه الخطاب بهما الى المصلى نفسه والاكتفاء بفعل غيره عنه يحتاج الى دليل ، نعم قام الدليل بالنسبة الى الامام بأنه يجوز ان يؤذن له ويقام له ، فإن أرادوا هذا الموضع فهو ـ مع كونه خلاف المتبادر من ظواهر النصوص المتقدمة ـ مدخول بان الظاهر ان الخطاب فيه انما هو للإمام غاية الأمر انه ورد جواز فعل الغير له رخصة لأن الناس مكلفون بالاقتداء به في صلاته وهذا من جملة أفعال صلاته فلو لم يتبرع غيره بالأذان والإقامة له رجع الحكم اليه وكان عليه القيام بذلك ، ولا دليل على انه يجوز له الاستئجار على أذان ولا إقامة إذ غاية ما دل عليه الدليل حصول الرخصة له بتبرع الغير به والا فاصل الخطاب انما تعلق به من حيث ان الأذان والإقامة من جملة أفعال صلاته ومندوباتها ومكملاتها المطلوب إيقاعه
__________________
(١) راجع ج ١ ص ٥٠.