الايمان لأن أصل الإيمان انما هو الإقرار بالله وبرسوله ، فان قال فلم جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة؟ قيل لأن الأذان إنما وضع لموضع الصلاة وهو نداء إلى الصلاة فجعل النداء إلى الصلاة في وسط الأذان فقدم المؤذن قبلها أربعا : التكبيرتين والشهادتين وأخر بعدها أربعا : يدعو الى الفلاح حثا على البر والصلاة ثم دعا الى خير العمل مرغبا فيها وفي عملها وفي أدائها ثم نادى بالتكبير والتهليل ليتم بعدها أربعا كما أتم قبلها أربعا وليختم كلامه بذكر الله تعالى كما فتحه بذكر الله ، فان قال فلم جعل آخرها التهليل ولم يجعل آخرها التكبير كما جعل في أولها التكبير؟ قيل لان التهليل اسم الله في آخره فأحب الله ان يختم الكلام باسمه كما فتحه باسمه ، فان قال فلم لم يجعل بدل التهليل التسبيح والتحميد مع ان اسم الله في آخرهما؟ قيل لان التهليل هو إقرار لله تعالى بالتوحيد وخلع الأنداد من دون الله تعالى وهو أول الايمان وأعظم من التسبيح والتحميد».
فصل
روى الصدوق في كتاب العلل بسنده عن ابن ابي عمير (١) «انه سأل أبا الحسن (عليهالسلام) عن (حي على خير العمل) لم تركت من الأذان؟ فقال تريد العلة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت أريدهما جميعا. فقال اما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا على الصلاة واما الباطنة فإن خير العمل الولاية فأراد من أمر بترك (حي على خير العمل) من الأذان ان لا يقع حث عليها ودعاء إليها».
وروى في الكتاب المذكور بسنده عن عكرمة (٢) قال : «قلت لابن عباس أخبرني لأي شيء حذف من الأذان «حي على خير العمل»؟ قال أراد عمر بذلك ان لا يتكل الناس على الصلاة ويدعوا الجهاد فلذلك حذفها من الأذان».
ونظير هذا التعليل العليل ما نقله أولياؤه عنه أيضا في تحريم متعة الحج من قوله (٣)
__________________
(١) الوسائل الباب ١٩ من الأذان والإقامة.
(٢) البحار ج ١٨ الصلاة ص ١٧٠.
(٣) الوسائل الباب ٢ من أقسام الحج.