اخبار التحنك بعضها دل على استحبابه في السفر وبعضها دل على استحبابه في السعي لقضاء الحاجة وبعضها بمجرد التعمم ، ولا يخفى ان المنافي لاخبار الإسدال ظاهرا انما هو اخبار القسم الثالث حيث انها ـ كما فهمه الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ تدل على دوام ذلك واستمراره ما دام معتما ، وحينئذ فيمكن القول ببقاء اخبار الفردين الآخرين على ظاهرها من غير تأويل إذ لا منافاة فيهما فان موردها خاص بهذين الفردين فيختص بها أخبار الإسدال ، ووجه الجمع حينئذ هو حمل اخبار القسم الثالث على ان المراد التحنك وقت التعمم بان يدير العمامة بعد فراغه من التعمم تحت حنكه لا دائما كما فهمه الأصحاب وبما ذكرنا يشعر ظاهر الأخبار المذكورة فإن ظاهر قوله «ولم يتحنك» ـ من حيث كونه حالا من الفاعل في قوله : «من تعمم» والحال قيد في فاعلها ـ يعطي أن التحنك وقت التعمم ، واما استمرار ذلك فيحتاج الى دليل وليس إلا ما قدمنا مما هذه صورته ، وحينئذ تبقى اخبار الإسدال على ظاهرها فيكون المستحب دائما هو الإسدال والتحنك مخصوص بهذه الصور الثلاث. ولا قدح يتطرق الى ما ذكرناه إلا مجرد مخالفة الأصحاب في ما فهموه من هذه الاخبار حيث لم أقف على قائل بما ذكرناه لكن لا يحضرني وجه للجمع بينها غير ذلك ، والظاهر انه الى ذلك يشير ما قدمناه من كلام السيد ابن طاوس بالتقريب الذي قدمنا ذكره. والله العالم.
و (منها) ـ كراهة الإمامة بغير رداء ، والحكم بذلك مشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) لا اعرف فيه مخالفا. وظاهر الشهيدين استحباب الرداء للمصلي مطلقا.
وقال شيخنا المجلسي في كتاب البحار : والذي يظهر لنا من الأخبار ان الرداء انما يستحب للإمام وغيره إذا كان في ثوب واحد لا يستر منكبيه أو لا يكون صفيقا وان ستر منكبيه لكنه في الإمام آكد ، وإذا لم يجد ثوبا يرتدي به مع كونه في إزار وسراويل فقط يجوز ان يكتفي بالتكة والسيف والقوس ونحوها ، ويمكن القول باستحباب