وبذلك صرح شيخنا في الذكرى فقال ولو كان المكان نجسا بما عفى عنه كدون الدرهم دما ويتعدى فالظاهر انه لا يزيد على ما هو على المصلي. ونقل المحقق الشيخ علي في شرح القواعد عن فخر المحققين انه قال : الإجماع منا واقع على اشتراط خلو المكان من نجاسة متعدية وان كانت معفوا عنها في الثوب والبدن. وإطلاق عبارة المنتهى وان وافقت ما ذكره إلا ان دليله يؤذن بخلاف ذلك ، وكذا عبارة التذكرة تشعر بأن الإجماع مختص بالنجاسة التي لم يعف عنها.
والتحقيق عندي انه لا ثمرة مهمة في هذا التقييد بل ولا لذكر ذلك بالكلية ، وذلك فإنه من المعلوم ان المنع من الصلاة في الموضع النجس إذا استلزم ذلك تعدى النجاسة إلى ثوب المصلي أو بدنه انما هو الدليل العام الدال على اشتراط صحة الصلاة بطهارة بدن المصلي وثوبه مما لا يعفى عنه ، قال العلامة في المنتهى : ويشترط في المكان ان يكون خاليا من نجاسة متعدية إلى ثوب المصلي أو بدنه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع لأن طهارة الثوب والبدن شرط في الصلاة ومع النجاسة المتعدية يفقد الشرط. انتهى. وحينئذ فإذا صلى الإنسان في موضع فيه نجاسة وتعدت اليه روعي فيها ما يراعى في غيرها من النجاسات الخارجة منه أو الواقعة عليه من كونها معفوا عنها أو غير معفو عنها ولا خصوصية للمكان تقتضي إفراده بالذكر إلا ان يكون الحامل لهم على ذلك خلاف فخر المحققين في المسألة كما قدمنا ذكره. وضعفه أظهر من ان يحتاج الى بيان.
(الثانية) ـ لو كانت الأرض نجسة وفرش عليها فرشا طاهرا فالظاهر انه على مذهب المرتضى لا مانع من الصلاة إذ المكان باعتبار الطهارة والنجاسة غيره باعتبار الإباحة والغصب كما تقدم في تعريف كل منهما.
ويدل على ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن المسجد يكون في الدار ، الى ان قال : وسألته
__________________
(١) اللفظ المذكور انما هو لحديث ابى الجارود برواية الكافي إلا الذيل ، راجع الوسائل الباب ١٠ و ١١ من أحكام المساجد.