ومما يدل على وقوع النقص في المسجد ما رواه في الكافي في خبر عن ابي بصير عن أبي عبد الله (عليهالسلام) (١) قال «وكان أمير المؤمنين (عليهالسلام) يقوم على باب المسجد ثم يرمي بسمة فيقع في موضع التمارين فيقول ذلك من المسجد ، وكان يقول قد نقص من أساس مسجد الكوفة مثل ما نقص في تربيعه». وفي رواية أخرى نقلها في البحار (٢) عن مؤلف المزار الكبير قال «ولقد نقص منه اثنا عشر الف ذراع مما كان على عهدهم».
بقي الكلام في حكم هذا الناقص من المسجد الأول الزائد على ما هو عليه الآن هل يثبت له حكم المسجدية؟ إشكال ينشأ من ان ظاهر حديث المفضل ـ حيث ان الصادق (عليهالسلام) نزل لما بلغ الى طاق الرواسين وأمر المفضل بالنزول معللا ذلك بأنه من المسجد وانه يكره دخوله راكبا ـ اجراء حكم المسجدية في ذلك الزائد ، ومن ان ظاهر خبر ابي بصير ـ الدال على ان عليا (عليهالسلام) رمى بسهمه الى موضع التمارين وأخبر ان هذه المسافة كلها من المسجد مع انه لم ينقل عنه في زمانه إدخالها في المسجد ولا الأمر باحترامها واجراء حكم المسجدية عليها ، بل الظاهر انما هو العدم لتقريره الناس على تصرفهم في هذا الموضع بجعله سوقا وطريقا ومنازل ونحوها من التصرفات ـ هو العدم ، ولعل الترجيح للأخير إلا انه يمكن تطرق القدح اليه بعدم تمكنه (عليهالسلام) من تغيير ما جرت عليه أئمة الجور قبله كما لا يخفى على من أحاط خبرا بما كان عليه في أيام خلافته وان جل رعيته انما يرونه بعين التبعية لمن تقدمه. وكيف كان فإنه يجب ان يحمل فعل الصادق (عليهالسلام) على الفضل والاستحباب.
والظاهر ان الكلام ههنا كالكلام في المسجد الحرام قبل الزيادة التي زادتها بنو أمية ، فإن ظاهر خبر زرارة المتقدم (٣) ـ المتضمن لنوم الباقر (عليهالسلام) معه في تلك الزيادة وتجويزه النوم فيها معللا ذلك بأنها ليست من المسجد الذي في زمنه (صلى الله
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٤ من أحكام المساجد.
(٢) ج ٢٢ ص ٨٨.
(٣) ص ٢٩٣.