وفصل شيخنا الشهيد الثاني في الروض فقال : والتحقيق ان السجود المأمور به في الحفيرة ان كان هو المعهود اختيارا فهو دال على سعة الحفيرة وحينئذ فيبعد تقديمها عليهما مع إمكان استيفاء الأفعال بهما فإنهما حينئذ ألصق بالساتر والحفيرة أشبه بالبيت الضيق الذي لا يعد ساترا فتقديمهما عليها أوضح ، بل الظاهر ان الوحل مقدم عليها مطلقا لعدم منافاته لاستيفاء الأفعال. واما الماء الكدر والحفيرة فإن تمكن من السجود فيهما ففيه ما مر وان تمكن في الماء خاصة فهو اولى بالتقديم وكذا لو لم يتمكن فيهما. ولو تمكن في الحفيرة دون الماء ففي تقديم أيهما نظر من كون الماء ألصق به وادخل في الستر ومن صدق الستر في الجملة وإمكان الأفعال وورود النص على الحفيرة دونه والاتفاق على وجوب الاستتار بها دونه فتقديمها حينئذ أوجه ، ولو لم يعتبر في الصلاة استيفاء الركوع والسجود كصلاة الخوف والجنازة سقط اعتبار هذا الترجيح ، واولى من الحفيرة الفسطاط الضيق إذا لم يمكن لبسه. انتهى. وفيه تأييد لما ذكرناه من ان المتبادر من الساتر انما هو اللاصق على البدن.
أقول : لا يخفى ان الكلام في هذه الفروع العارية عن النصوص مشكل ، والذي ورد في هذا الباب كما عرفت رواية علي بن جعفر ومرسلة أيوب بن نوح ، والاولى وان دلت على ان مرتبة الإيماء انما هي بعد عدم وجود شيء يستر به عورته إلا ان انطلاق الساتر فيها الى ما ذكروه من الوحل الذي هو عبارة عن الماء والطين وكذلك الماء الكدر محل اشكال ، والأحكام الشرعية انما ترتب على الافراد المتبادرة من الإطلاق الكثيرة الدوران في الاستعمال دون الفروض النادرة. واما الثانية فقد عرفت ما فيها. والله العالم.
(المسألة الخامسة) ـ لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في انه متى لم يجد ساترا فإنه يصلي عريانا ولا تسقط الصلاة عنه بفقد الساتر ، وانما الخلاف في انه هل يصلي قائما مطلقا أو جالسا مطلقا أو قائما مع أمن المطلع وجالسا مع عدمه؟ أقوال أشهرها