قوله : «وبالجملة فالفارق. إلخ» إشارة الى ما تقدم منه (قدسسره) في بحث النجاسات والطهارات من انه إذا اشتبه الجلد واحتمل كونه منتزعا من ميتة أو مذكى وكذا الدم المشتبه بالطاهر والنجس فالفرق بينهما على مذهب الأصحاب باعتبار استصحاب عدم التذكية في الجلد فيكون نجسا بخلاف الدم ومتى قلنا ببطلان الاستصحاب فلا فرق بينهما ، ثم استدل على ذلك بأصالة عدم التكليف باجتنابهما وعدم نجاسة الملاقي لهما وأنت خبير بان هذا الاستدلال بالنسبة إلى الجلد لا يخلو من مصادرة لان هذا أول البحث وعين الدعوى ومطرح النزاع حيث ان الخصم يحكم بوجوب الاجتناب ونجاسة الملاقي لحكمه بكونه ميتة. والحق في الجواب انما هو ما أشرنا إليه آنفا من الاخبار الدالة على القاعدة الكلية المتفق عليها وهو «ان كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه» (١). و «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر فإذا علمت فقد قذر» (٢). و «لا أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم اعلم» (٣). ونحو ذلك ، ولا ريب ان الجلد هنا داخل تحت عموم هذه الكلية فيجب الحكم بطهارته وجواز ملاقاته برطوبة ، وهكذا يقال في الدم مع الاشتباه ، ويدل على خصوص ذلك رواية السكوني المتقدمة في الموضع المتقدم من كتاب الطهارة.
فائدتان
(الأولى) ـ قال السيد السند (عطر الله مرقده) في المدارك : واعلم ان مقتضى كلام المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى وغيرهما اختصاص المنع بميتة ذي النفس ، وهو كذلك للأصل وانتفاء ما يدل على عموم المنع.
أقول : الظاهر ان هذا الأصل هنا عبارة عن أصالة الإباحة التي هي البراءة الأصلية والخلاف فيها مشهور كما تقدم ذكره في مقدمات الكتاب ، الا ان السيد المذكور ممن يرى العمل بها كما هو المشهور بين الأصوليين ولذا تراه دائما يعتمد عليها ويطرح
__________________
(١ و ٢) ص ٥٣.
(٣) الوسائل الباب ٣٧ من النجاسات.