ونقل عن الشيخ في الخلاف انه قال لا ينبغي الزيادة على اثنين واستدل بإجماع الفرقة على ما رووه من «ان الأذان الثالث بدعة» (١). وقال ولده الشيخ أبو علي في شرح نهاية والده : والزائد على اثنين بدعة بإجماع أصحابنا.
وقال الشيخ في المبسوط يجوز ان يكون المؤذنون اثنين اثنين إذا أذنوا في موضع واحد فإنه أذان واحد فاما إذا أذان واحد بعد واحد فليس ذلك بمسنون ولا مستحب. ولا بأس ان يؤذن جماعة كل واحد منهم في زاوية من المسجد لانه لا مانع منه. انتهى.
وفسر الفاضلان في المعتبر والمنتهى قوله : «واحدا بعد واحد» بان يبنى كل واحد على فصول الآخر وهو المعبر عنه بالتراسل فإنه على هذه الكيفية لا يصدق على واحد منهما انه مؤذن. واستبعد هذا التفسير جملة ممن تأخر عنهما وفسروه بما يدل عليه ظاهر اللفظ من الإتيان بأحد الاذانين بعد تمام الأخر ، وعللوا الكراهة فيه بأنه يقتضي تأخير الصلاة عن أول وقتها من غير موجب. وهو جيد. أقول : والظاهر ان الفاضلين انما اضطرهما الى هذا التفسير البعيد عن ظاهر اللفظ حكمهم بأفضلية أن يؤذن أحدهما بعد الآخر ولو كانوا أكثر من اثنين كما تقدم.
وبالجملة فإن كلامهم في هذه المسألة كما سبق في سابقتها خال من النص والذي يقتضيه النظر هنا هو الفرق بين الأذان الإعلامي وبين أذان الصلاة جماعة (اما الأول) فإن مقتضى التوقيف في العبادات وانها مبنية على الورود عن صاحب الشريعة هو كراهة الاجتماع في الأذان مطلقا دفعة أو ترتيبا بل ربما احتمل عدم المشروعية نعم لو اختلف الوقت أو المحل فلا بأس. و (اما الثاني) فالظاهر انه لا مانع منه مع تعدد الجماعات كما ذكره الشيخ في آخر عبارته في المبسوط من الجماعات المجتمعة في مسجد يؤذن لكل منها على حيالها وان اتفق في وقت واحد.
(الخامس) ـ اختلف الأصحاب في جواز أخذ الأجرة على الأذان فنقل عن
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٩ من صلاة الجمعة.