آنفا واما بالنسبة إلى تقديم الورق والحشيش على الطين فبعدم فهم الطين من الساتر على الإطلاق كما ذكره في الذكرى وبقوله تعالى «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (١) والطين لا يعد زينة. وفي الثاني ما لا يخفى.
واستدل الشهيد في الذكرى على ما ذهب اليه ، اما على المساواة بين الثوب والورق والحشيش فبصحيحة علي بن جعفر المذكورة ، واما على عدم جواز الطين مع وجود شيء من الثلاثة المذكورة فبما عرفت من عدم انصراف اللفظ اليه.
واعترضه شيخنا الشهيد في الروض فقال : والتحقيق ان خبر علي بن جعفر ظاهر في فاقد الثوب فلا يتم الاحتجاج به على التخيير بينه وبين الثوب ، وما ذكره من الحجة على تقديمهما على الطين آت في تقديم الثوب على غيره والزينة كما لا تتناول الطين كذا لا تتناول الحشيش ونحوه. انتهى. وهو جيد.
أقول : والمسألة لا تخلو من شوب الإشكال إلا ان الأقرب بالنظر الى الصحيحة المذكورة هو وجوب تقديم الثوب لكونه هو المتبادر والفرد الشائع المتعارف من الساتر ومع تعذره فالتخيير بين كل ما يحصل به الستر ولو بالطين لاخبار النورة. والله العالم.
فروع
(الأول) ـ لو استتر بالطين مع وجود غيره فهل يصلي قائما بركوع وسجود أم يصلي إيماء؟ قال في الذكرى : وفي سقوط الإيماء هنا نظر من حيث إطلاق الستر عليه ومن إباء العرف. وأيد بعضهم ترجيح الإيماء بأن الظاهر من الأدلة تعين الإيماء عند تعذر الثياب وما يجري مجراها كالحشيش ، والأقرب عندي هو الصلاة قائما بركوع وسجود فان الشرط في صحة الصلاة كذلك هو ستر العورة والفرض حصوله بالطين استنادا الى اخبار النورة كما عرفت. وما ذكره في الذكرى من إباء العرف لا معنى له بعد دلالة
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ٢٩.