أقول : ما ذكره في الجواب عن الأول جيد. واما الجواب عن الرواية فالأظهر ان يقال انما اشتملت على لفظ الكراهة وهو أعم من التحريم فلا تقوم حجة على التحريم ويعضد ذلك ما رواه الحميري في كتاب قرب الاسناد بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن المسجد يكتب في القبلة القرآن أو شيء من ذكر الله قال لا بأس. وسألته عن المسجد ينقش في قبلته بجص أو اصباغ قال لا بأس». فإنه ظاهر في جواز النقش مطلقا. وما ذكره في الخبر من جواز كتابة القرآن والذكر في قبلة المسجد لا ينافي كراهة النظر اليه حال الصلاة كما تقدم. وبذلك يظهر لك ان ما ذكروه من التحريم هنا لا مستند له يعتمد عليه ، نعم الظاهر هو الكراهة في الصور واما النقش فلا.
و (الثالث) ـ بيع آلاتها وقيده جملة منهم بعدم الحاجة الى بيعها لعمارته أو عمارة غيره من المساجد فلو بدت الحاجة الى ذلك لما ذكر لم يحرم بيعها وكذا لو اقتضت المصلحة بيعها كما لو خيف عليها التلف أو كانت رثة لا ينتفع بها في المسجد ، قالوا وكما يجوز بيعها لعمارة مسجد آخر يجوز صرفها فيه بطريق اولى لاتحاد المالك وهو الله تعالى. أقول : والمسألة وان كانت عارية عن النصوص على الخصوص لكن كلامهم (رضوان الله عليهم) لا يخرج عن مقتضى الأصول المقررة والقواعد المعتبرة.
و (الرابع) ـ اتخاذها أو بعضها في ملك أو طريق بان يتملك ويتصرف فيه تصرف الملاك في أملاكهم أو يتخذ طريقا دائما بحيث تنمحي صورة المسجدية على كلا الأمرين ، ولا ريب في التحريم حينئذ لأن ذلك تغيير للوقف وتخريب لموضع العبادة وكلاهما محرم لقوله سبحانه «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها ... الآية» (٢) وحينئذ فيجب عليه إعادتها الى ما كانت عليه بل يجب ذلك على كل ذي قدرة ويد مبسوطة. واما جعلها طريقا مع بقاء المسجدية فسيأتي
__________________
(١) الوسائل الباب ١٥ من أحكام المساجد.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٠٨.