قال في المدارك : ولفظ «لا ينبغي» ظاهر في الكراهة ، والظاهر ان الستر بالسين المهملة والتاء المثناة من فوق ، وقال الشيخ في التهذيب ان المعنى ان الرجل إذا كان متقدما على المرأة بشبر أجزأه وهو بعيد. انتهى. أقول : ظاهره ان مبنى استدلاله بالخبر المذكور على ما ذكره من ان لفظ «لا ينبغي» ظاهر في الكراهة. وفيه منع فإنه ان أراد ظهوره في عرف الناس فهو مسلم ولكن لا يجدي نفعا وان أراد في عرفهم (عليهمالسلام) فهو ممنوع لما أوضحناه في غير مقام مما تقدم في مباحث الكتاب من ان الحق ان هذا اللفظ من الألفاظ المشتركة في عرفهم (عليهمالسلام) فلا يحمل على أحد معنييه إلا مع القرينة والقرينة هنا ظاهرة في التحريم لان قوله (عليهالسلام) «فان كان بينهما ستر أجزأه» يدل بمفهوم الشرط الذي هو حجة عنده وعند المحققين على عدم الاجزاء مع عدمه وحينئذ فتكون الرواية من أدلة الشيخين ومن تبعهما في القول بالتحريم. ومثل هذه الرواية ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر من نوادر البزنطي عن محمد الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى؟ قال لا ينبغي ذلك إلا ان يكون بينهما ستر فان كان بينهما ستر أجزأه». وهي أظهر في ما قلناه هذا كله على تقدير ما نقله من الرواية بلفظ الستر واما على ما في رواية الشيخ (قدسسره) في التهذيب من لفظ الشبر بالشين المعجمة والباء الموحدة فالوجه فيه ما ذكره الشيخ من تقدم الرجل بهذا المقدار واستبعاده له بعيد كما أشار إليه شيخنا البهائي في كتاب الحبل المتين.
ومنها ـ صحيحة حريز أو حسنته عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (٢) «في المرأة تصلي إلى جنب الرجل قريبا منه؟ فقال إذا كان بينهما موضع رجل فلا بأس». والتقريب فيها ما تقدم في أمثالها من تقدم الرجل بذلك المقادير المذكورة إلا انه قدره هنا بموضع الرجل وهو ما يجعل على البعير كالسرج للفرس وهو يقرب من الذراع.
__________________
(١) الوسائل الباب ٨ من مكان المصلي.
(٢) الوسائل الباب ٥ من مكان المصلى.