بمذهبهم كما قدمنا تحقيقه ، وأنت إذا تأملت في اخبار هذه المسألة وجدتها كذلك ، فإنهم (عليهمالسلام) تارة يفتون الشيعة بالحق وهو المنع من الصلاة في ما لا يؤكل لحمه بأتم تأكيد كما اشتملت عليه موثقة ابن بكير ونحوها وان لم يكن مثلها في التأكيد ، وتارة يفتونهم بجواز الصلاة في الجميع كصحيحة علي بن يقطين ، وتارة يخصصون الجواز بأفراد مخصوصة ، فمنها ـ ما اشتمل على استثناء السنجاب خاصة كرواية مقاتل بن مقاتل ، ومنها ـ ما أضيف إليه فيها الفنك كرواية ابي علي بن راشد ورواية الوليد بن أبان ، ومنها ـ ما أضيف إليه الحواصل الخوارزمية خاصة كرواية بشر بن يسار ، ومنها ـ ما دل على الجواز في الجميع إلا الثعالب كصحيحة الريان بن الصلت (١) قال : «سألت أبا الحسن الرضا (عليهالسلام) عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقز والخفاف من أصناف الجلود؟ فقال لا بأس بهذا كله إلا الثعالب». فانظر الى هذا الاختلاف العظيم فهل له وجه غير ما ذكرناه؟
ويؤيد ذلك ايضا ما قدمناه في غير مقام من ان حمل النهي الذي هو حقيقة في التحريم على الكراهة في تلك الأخبار الدالة على النهي مجاز لا يصار اليه إلا مع القرينة ، واختلاف الاخبار ليس من قرائن المجاز لجواز الجمع بوجه آخر وان اشتهر بينهم الجمع بين الأخبار بذلك ، على انه لو سلم فلا يجري في موثقة ابن بكير التي هي عمدة أخبار المسألة لوقوع النهي فيها على أبلغ وجه كما لا يخفى. وبالجملة فالمسألة غير خالية من شوب الاشكال والاحتياط في أمثال ذلك مما لا ينبغي تركه.
هذا ، وقد صرح جمع من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه انما تجوز الصلاة فيه بناء على القول بالجواز مع تذكيته لانه ذو نفس سائلة قطعا ، قال في الذكرى : قد اشتهر بين التجار والمسافرين انه غير مذكى ولا عبرة بذلك حملا لتصرف المسلمين على
__________________
(١) الوسائل الباب ٥ من لباس المصلى.