يعقوب بن يزيد ، عن سليمان بن الحسن (١) ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسن الأوّل ( عليه السلام ) قال : إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضّأ و (٢) اغتسل .
أقول : هذان الحديثان مع موافقتهما للتقيّة لا تصريح فيهما بالوجوب ، بل حملهما على الاستحباب قريب جداً لما مرّ (٣) ، ويحتمل الحمل على التقيّة ، ويحتمل الأوّل الاستفهام الإِنكاري ويراد أنه ليس في غير غسل الجنابة أيضاً وضوء نصّاً على غير غسل الجنابة ، لأنّه لا يحتاج إلى نصّ لما علم من مذهبهم فيه ، ثمّ لا تصريح فيهما أيضاً بجواز تأخير الوضوء ، وقد تقدّم أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة (٤) فيتعين تقديم الوضوء ، أو تركه ، وأمّا ما تقدّم من أنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة (٥) فهو مخصوص بغسل الجنابة ، أو بقصد الوجوب ، ويحتمل الحمل على إرادة إثبات الوضوء قبل الغسل ، ونفيه بعده ، بأن يكون قبل الغسل خبر المبتدأ ، والله أعلم (٦) .
__________________
(١) في المصدر : سليمان بن الحسين ( راجع معجم رجال الحديث ٨ : ٢٤٢ ) .
(٢) في نسخة : ثمّ ( هامش المخطوط ) .
(٣) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب .
(٤) تقدم في الحديث ٦ ، ١٠ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب .
(٥) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب .
(٦) جاء في هامش
المخطوط ما لفظه : وقد جزم بوجوب تقديم الوضوء على الغسل في غير الجنابة الشيخ وجماعة من علمائنا ، وظاهر رواية علي بن يقطين توافقهم في غسل الجمعة لا غير
ويحتمل أن يراد من الحديث الأول أن كلّ غسل قبله وضوء لكن الغسل يجزي عنه لما مرّ بمعنى
أن غير الجنب مخاطب بالوضوء ولو على وجه الاستحباب فله تقديمه وان لم يقدمه أجزأ عنه
الغسل عملاً بالدليلين لعدم التنافي على هذا الوجه والجنب غير مأمور بالوضوء أصلاً لقوله تعالى
: (
وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ويحتمل كون لفظ قبله تصحيفاً وأصله فيه كما في الرواية
الثانية وحينئذٍ فالظرفية تقتضي كون الوضوء في أثناء الغسل وهو منفي بالاجماع ، والظرفية تنافي وجوب التقديم
، وتنافي التخيير بين التقديم والتأخير ، ويظهر لي منها معنى لطيف وهو أن يكون
المراد أن كل غسل يجزي عن الوضوء بمعنى أن كل غسل يتضمن الوضوء ويشتمل عليه ويستلزم غسل جميع أعضائه وزيادة فيجزي عنه لقولهم ( عليهم السلام ) : وأي وضوء أطهر من الغسل ، مع التصريحات السابقة فيصدق أنّ كل غسل فيه وضوء واستثناء غسل الجنابة معناه أن الجنب
غير =