القضاء في الخبر لا ينافي إيجاب الكفارة أيضا ، ويؤيده قوله في الخبر «لأنه أكل متعمدا» وقد صرح ابن إدريس في ما قدمنا من كلامه بوجوب القضاء والكفارة في الصورة المذكورة.
ومنهم من جمع بين الأخبار بالتنزيل على مراتب الظن وجعل بعضها غالبا على بعض ، فأوجب القضاء بحصول الظن وحمل عليه الخبر الأول ونفاه مع غلبة الظن وحمل عليه الأحاديث الأخر ، وهو صريح كلام ابن إدريس المتقدم وتبعه فيه المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في الوسائل.
وهو ضعيف كما صرح به جملة ممن تأخر عنه ، قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد نقل ذلك عنه : ويشكل بعدم انضباط مراتب الظن حتى يجعل بعضها غالبا وبعضها غير ذلك بل الظن كله غالب ، وبان الحكم في النصوص معلق على مطلق الظن في الحالين.
أقول : والأظهر عندي العمل بالأخبار الدالة على عدم الوجوب وحمل الرواية الدالة على الوجوب على التقية. فإن القول بالوجوب مذهب الجمهور (١) كما نقله في المنتهى ، ونقل من أخبارهم الدالة عليه ما رواه حنظلة (٢) قال : «كنا في شهر رمضان وفي
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ١٣٦.
(٢) سنن البيهقي ج ٤ ص ٢١٧ وقد رواه عنه بطريقين واللفظ في أحدهما هكذا : كنا عند عمر فاتى بجفنة في شهر رمضان فقال المؤذن الشمس طالعة فقال اغنى الله عنا شرك انا لم نرسلك راعيا للشمس انما أرسلناك داعيا إلى الصلاة. يا هؤلاء من كان منكم أفطر فقضاء يوم يسير وإلا فليتم صومه. وفي الآخر قريب من ذلك وفيه قال عمر «من كان أفطر فليصم يوما مكانه» وليس فيهما ان الظن بغياب الشمس لوجود السحاب. نعم ورد ذلك في رواية خالد بن أسلم عن عمر وفيها انه قال «الخطب يسير وقد اجتهدنا» وقد حمله الشافعي ومالك على ارادة القضاء ، وورد أيضا في رواية بشر بن قيس عمر وفيها قال عمر «لا نبالي والله نقضي يوما مكانه» وورد أيضا في رواية زيد بن وهب وفيها قال عمر «والله لا نقضيه وما تجانفنا لإثم» كل ذلك في سنن البيهقي ج ٤ ص ٢١٧.