قال ابن إدريس : لما وقفت على كلامه كثر تعجبي والذي دفع به الكفارة يدفع القضاء مع قوله «لا نص لأصحابنا فيه» وإذا لم يكن فيه نص مع قولهم (١) «اسكتوا عن ما سكت الله عنه». فقد كلفه القضاء بغير دليل ، واى مذهب لنا يقتضي وجوب القضاء؟ بل أصول المذهب تقتضي نفيه وهي براءة الذمة والخبر المجمع عليه. أقول : ما ذكره ابن إدريس جيد لا غبار عليه.
وقال في المبسوط : يجب القضاء والكفارة بالجماع في الفرج أنزل أو لم ينزل سواء كان قبلا أو دبرا فرج امرأة أو غلام أو ميتة أو بهيمة وعلى كل حال على الظاهر من المذهب. وقد روى ان الوطء في الدبر لا يوجب نقض الصوم. الى آخر ما قدمناه من عبارته.
وقد بينا سابقا ان الظاهر من قوله : «وقد روى. الى آخره» هو الإشارة إلى الروايتين المتقدمتين من حيث دلالتهما على عدم نقض الصوم وموردهما كما عرفت دبر المرأة ، فيصير محل التردد في عبارته التي قدمناها مخصوصا بدبر المرأة من حيث هاتين الروايتين ، وحينئذ فيبقى ما عدا دبر المرأة من دبر الغلام والبهيمة والميتة خاليا من التردد وموجبا عنده للقضاء والكفارة. وبهذا التقريب يكون فيه منافاة بينه وبين كلامه في المبسوط من انه مع عدم الإنزال فإنما يجب القضاء خاصة.
وظاهر جملة من المتأخرين : منهم ـ المحقق في المعتبر والشرائع والعلامة في جملة من كتبه ان إفساد الصوم وإيجاب القضاء والكفارة تابع لإيجاب الغسل.
قال في المختلف : والأقرب ان إفساد الصوم وإيجاب القضاء والكفارة تابع لإيجاب الغسل وكل موضع قلنا بوجوب الغسل فيه وجبت الأحكام الثلاثة فيه ايضا وإلا فلا.
__________________
(١) الشهاب في الحكم والآداب لمحمد بن سلامة القضاعي حرف الالف عن النبي (ص) ويستفاد من الاخبار الواردة بهذا المضمون المتقدمة ص ٣٠.