القطعي على ان النوم لا يبطل الصوم.
أقول : فيه أولا ـ انه لا يخفى بعد انطباق كلام ابن إدريس على هذا المذكور وثانيا ـ ان ما ادعاه من أن صوم النائم لا يوصف بالصحة وإنما هو بحكم الصحيح مبنى على تعريفهم الصوم بما ذكروه من أنه الإمساك عن تعمد الإفطار مع النية ، وهذا التعريف مجرد اصطلاح منهم (رضوان الله عليهم) ولا أثر له في النصوص ، ومن الجائز بناء على هذا التعريف أيضا اختصاص ذلك بغير الغافل والساهي والنائم والمغمى عليه ونحوهم وهذا التعريف خرج بناء على الغالب المتكثر فلا منافاة.
قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك انه لا يعرف خلافا ممن يعتد به من العامة (١) والخاصة في أن النوم غير مبطل للصوم ولا مانع منه ، ولانه لو أبطله لحرم النوم على الصائم اختيارا حيث يجب المضي فيه وهو خلاف الإجماع والنصوص الدالة على إباحته بل المجازاة عليه في الآخرة كما روى ان نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح (٢). ونقل عن ابن إدريس ان النائم غير مكلف بالصوم وليس صومه شرعيا وقد عرفت فساده. ثم قال (فان قيل) النائم غير مكلف لانه غافل ولقوله صلىاللهعليهوآله (٣) «رفع القلم عن ثلاثة ...». وعد منهم النائم حتى يستيقظ ، وقد أطبق المحققون في الأصول على استحالة تكليفه وذلك يقتضي عدم وقوع الجزء الحاصل وقت النوم شرعيا لأنه غير مكلف به ، ويلحقه باقي النهار لأن الصوم لا يقبل التجزئة في اليوم الواحد ، وهذا يؤيد ما ذكره ابن إدريس بل يقتضي عدم جواز النوم اختيارا على الوجه المذكور (قلنا) تكليف النائم والغافل وغيرهما ممن يفقد شروط التكليف قد ينظر فيه من حيث الابتداء بمعنى توجه الخطاب الى المكلف بالفعل وأمره بإيقاعه على الوجه المأمور به بعد الخطاب ، وقد ينظر فيه من حيث
__________________
(١) راجع المغني ج ٣ ص ٩٨ والمجموع ج ٦ ص ٣٤٥.
(٢) ص ١٧٣.
(٣) الوسائل الباب ٤ من مقدمة العبادات وسنن البيهقي ج ٨ ص ٢٦٤.