كما لو لم يطرأ العذر. وبأنه أوجد المقتضى وهو الهنك والإفساد بالسبب الموجب للكفارة فثبت الأثر ، والمعارض وهو العذر المسقط لفرض الصوم لا يصلح للمانعية عملا بالأصل. والقول الأول حكاه المحقق وغيره واختاره العلامة في جملة من كتبه.
واستدل عليه بان هذا اليوم غير واجب صومه عليه في علم الله تعالى وقد انكشف لنا ذلك بتجدد العذر فلا تجب فيه الكفارة كما لو انكشف أنه من شوال بالبينة.
أقول : يمكن تطرق الطعن الى هذا الاستدلال بأن الأحكام الشرعية والتكاليف الواردة من الشارع إنما بنيت على الظاهر لا على نفس الأمر والواقع ، فان الحلال والحرام والطاهر والنجس ليس إلا عبارة عن ما كان كذلك في نظر المكلف لا عن ما كان واقعا لقولهم (عليهمالسلام) (١) : «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه». وقولهم (٢) «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر». ونحو ذلك. وبه يظهر قوة ما ذكره الشيخ (قدسسره).
واما القياس على انكشاف كونه من شوال فهو قياس مع الفارق لأنه بعد انكشاف كونه من شوال لا يصدق عليه انه أفطر يوما من شهر رمضان فلا تجب عليه كفارة ، واما في ما نحن فيه فلا خلاف في انه أفطر يوما من شهر رمضان لغير عذر وان طرأ العذر بعد ذلك فتتناوله الأخبار الدالة على وجوب الكفارة على من كان كذلك.
وبالجملة فإن الأخبار الدالة على وجوب الكفارة على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا شاملة بإطلاقها لهذه الصورة وتجدد العذر لا يصلح لاسقاطها
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ من ما يكتسب به والباب ٦٤ من الأطعمة المحرمة والباب ٦١ من الأطعمة المباحة باختلاف في اللفظ.
(٢) الوسائل الباب ٣٧ من النجاسات واللفظ «كل شيء نظيف ...».