واما اخبار العدلين فيمكن حملها على الرؤية التي لم تقع على هذا الوجه كما إذا لم ير في البلد بالكلية لمانع أو لغير مانع أو رئي فيها ولكن ثمة مانع من رؤية الجميع لوجود غيم واتفق وجود فرجة شاهده فيها عدلان مثلا فإنه يحكم بشهادتهما كما دلت عليه الاخبار.
ويمكن حملها ـ ولعله الأظهر ـ على التخصيص بان يكونا من خارج البلد كما دلت عليه صحيحة الخزاز (١) فإنه متى لم ير في البلد على الوجه الذي ذكرناه من الشياع والانتشار أعم من أن يكون لعلة أو لعدم النظر اليه أو نحو ذلك فمتى شهد على الرؤية عدلان من الخارج أو حصل الشياع بالرؤية في بلاد اخرى قريبة وجب العمل بمقتضى ذلك.
والعلة في أظهرية هذا الوجه كما ذكرنا ان الاخبار المتضمنة لذكر العدلين لا دلالة في شيء منها على كونهما من البلد بل شطر من تلك الاخبار مطلق مثل قوله عليهالسلام في صحيحة الحلبي (٢) «لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين». ونحوها من الاخبار الكثيرة (٣) وشطر منها ظاهر الدلالة بل صريحها في المدعى مثل صحيحة الخزاز المتقدمة (٤) ومثل الأخبار المستفيضة الدالة على وجوب القضاء بشهادة العدلين (٥) فإن إفطار ما يجب صومه حتى لزم من ذلك وجوب القضاء بشهادتهما دليل على انهما ليسا من البلد كما لا يخفى ، وعلى هذا يحمل مطلق اخبار العدلين على مقيدها ويختص الحكم بالعدلين في ذلك من خارج البلد. ولا ينافي ذلك ما في الاحتمال الأول من فرض رؤية العدلين في البلد مع الغيم إذا حصلت فرجة رأياه فيها ، فإن الأحكام الشرعية التي هي بمنزلة القواعد الكلية إنما تبنى على الغالب والأكثر دون الفروض النادرة كما لا يخفى على من غاص في لجج الاخبار والتقط من خبايا تلك الأسرار.
__________________
(١ و ٤) ص ٢٤٦.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ١١ من أحكام شهر رمضان.
(٥) الوسائل الباب ٣ و ٥ و ١١ من أحكام شهر رمضان.