الحاكم به إجماعا نصا وفتوى.
واما صحيحة محمد بن قيس فالظاهر من لفظ الامام فيها إنما هو إمام الأصل أو ما هو الأعم منه ومن أئمة الجور وخلفاء العامة المتولين لأمور المسلمين ، فإن الإمام إنما يحتمل انصرافه الى من عدا من ذكرناه في مثل إمامة الجمعة والجماعة حيث اشترط بالإمام ، واما في مثل هذا المقام فلا مجال لاحتمال غير من ذكرناه بحيث يدخل فيه الفقيه. نعم للقائل أن يقول إذا ثبت ذلك لإمام الأصل ثبت لنائبه لحق النيابة. إلا انه لا يخلو ايضا من شوب الإشكال لعدم الوقوف على دليل لهذه الكلية وظهور أفراد كثيرة يختص بها الامام دون نائبه.
واما باقي الأخبار الواردة في المسألة فهي وان كانت مطلقة إلا انه يمكن حملها على ما ذكرناه من الاخبار المقيدة التي تقدم بعضها في صدر المسألة.
وبالجملة فالمسألة عندي موضع توقف واشكال لعدم الدليل الواضح في وجوب الأخذ بحكم الحاكم بحيث يشمل موضع النزاع.
ثم أنت خبير أيضا بان ما ذكروه من العموم انه لو ثبت عند الحاكم بالبينة نجاسة الماء وحرمة اللحم ولم يثبت عند المكلف لعدم سماعه من البينة مثلا فان تنجيس الأول وتحريم الثاني بالنسبة إليه بناء على وجوب الأخذ عليه بحكم الحاكم ينافي الأخبار الدالة على ان «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر» (١). و «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه فتدعه» (٢). حيث انهم لم يجعلوا من طرق العلم في القاعدتين المذكورتين حكم الحاكم بذلك وإنما ذكروا اخبار المالك وشهادة الشاهدين وعلى ذلك تدل الاخبار أيضا (٣) وظاهر كلامهم هو شهادتهما
__________________
(١) الوسائل الباب ٣٧ من النجاسات واللفظ «كل شيء نظيف».
(٢) الوسائل الباب ٤ من ما يكتسب به والباب ٦٤ من الأطعمة المحرمة والباب ٦١ من الأطعمة المباحة باختلاف في اللفظ.
(٣) الوسائل الباب ٦ من ما يكتسب به والباب ٦١ من الأطعمة المباحة. وارجع الى ج ٥ ص ٢٥٢.