لذكر النهار فيحمل على ارادة الليل. ورد المتأخرون كلامه بالبعد.
والأصحاب قد جمعوا بين الأخبار بحمل أدلة الشيخ على الكراهة المغلظة :
قال في الكافي : الفضل عندي أن يوقر الرجل شهر رمضان ويمسك عن النساء في السفر بالنهار إلا أن يكون يغلبه الشبق ويخاف على نفسه ، وقد رخص له أن يأتي الحلال كما رخص للمسافر الذي لا يجد الماء إذا غلبه الشبق أن يأتي الحلال ، قال : ويؤجر في ذلك كما انه إذا أتى الحرام اثم. وقال في الفقيه : النهى عن الجماع للمقصر في السفر انما هو نهى كراهة لا نهى تحريم. قال في الوافي : ويشبه أن يكون الحكم بالجواز ورد مورد التقية والاحتياط هنا من ما لا ينبغي تركه. انتهى.
أقول : قد عرفت بما قدمنا في غير موضع ما في الجمع بين الاخبار بالحمل على الكراهة والاستحباب وان اشتهر ذلك وصار قاعدة كلية بين الأصحاب ، ولا سيما صحيحة ابن سنان المذكورة ورواية محمد بن مسلم فإنهما صريحتان في التحريم خصوصا صحيحة ابن سنان من نسبته عليهالسلام حمل الجماع على الأكل والشرب على القياس وقوله عليهالسلام : «ان السنة لا تقاس» بمعنى ان تحليل الأكل والشرب لا يستلزم تحليل الجماع كما ان الشارع أوجب على المسافر قضاء الصوم ولم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة مع اشتراكهما في الفوات بالسفر.
والأظهر عندي حمل هذه الأخبار التي استدل بها الشيخ على التقية ، والعامة وان كانوا هنا على قولين ايضا فمذهب الشافعي كما نقله في المنتهى موافق للقول المشهور ومذهب احمد موافق لمذهب الشيخ (١) إلا انه لما كان أصحابنا (رضوان الله عليهم) متقدموهم ومتأخروهم عدا الشيخ على القول بالجواز عملا بالأخبار المتقدمة فإن ذلك يوجب العلم أو الظن المتاخم له بان ذلك هو مذهب الأئمة (عليهمالسلام) فان مذهبهم إنما يعلم بنقل شيعتهم واتباعهم كما ان مذهب كل امام من أئمة الضلال إنما يعلم بنقل اتباعه وتدينهم به. واما ما ذكره في الوافي من اختيار حمل أخبار الجواز
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ١٠١ و ١٠٢ و ١٣٤.