تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (١) بان يكون كلاما مستأنفا ليس له ربط بما تقدمه أى ان صومكم خير عظيم لكم وظاهر الآية انه مرتبط بما تقدمه.
وتفصيل هذه الجملة هو انه لا يخفى ان المعلوم من الأدلة العقلية والنقلية أنه (عزوجل) لا يكلف نفسا إلا وسعها والوسع لغة دون الطاقة كما صرح به في مجمع البيان وغيره.
وفي التوحيد (٢) عن الصادق عليهالسلام في حديث طويل قال : «ما أمر الناس إلا بدون سعتهم وكل شيء أمر الناس بأخذه فهم متسعون له وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم ولكن الناس لا خير فيهم».
وفي كتاب الاعتقادات للصدوق (٣) مرسلا عن الصادق عليهالسلام قال : «ما كلف الله العباد إلا دون ما يطيقون».
وحينئذ فلا تكلف نفس بما هو على قدر طاقتها أى ما يشق عليها تحمله عادة ويعسر عليها ، فالآية دلت على ان الذين يطيقون الصوم كالشيخ والشيخة وذي العطاش ـ يعنى من يكون الصوم على قدر طاقتهم ويكونون معه على مشقة وعسر ـ لم يكلفهم الله تعالى حتما بل خيرهم بينه وبين الفدية توسعة لهم ثم جعل الصوم خيرا لهم من الفدية في الأجر والثواب إذا اختاروه كما قال في مجمع البيان : قوله «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ» يعنى من الإفطار والفدية.
وبما أوضحناه يظهر ان المراد من الآية هو ان من أمكنه الصوم بمشقة فإنه قد جوز له الإفطار والفدية ولا تعرض فيها للعاجز عنه بالكلية إلا ان كان كما ذكره في المختلف من الدلالة بالمفهوم.
واما الاخبار التي ادعى دلالتها على ذلك بإطلاقها فالظاهر ان المنساق منها
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨١.
(٢) باب الاستطاعة ص ٣٥٨ وفيه «ما أمر العباد».
(٣) باب الاعتقاد في التكليف.