وانما الخلاف في دخول الليلة الأولى فقيل بعدم دخولها وبه صرح المحقق في المعتبر حيث قال في مقام الرد على ابى حنيفة (١) : ولا تدخل الليالي بل ليلتان من كل ثلاث لما قررناه من الأصل ، وحجته ضعيفة لأن دخول الأيام في الليالي وبالعكس لا يستفاد من مجرد اللفظ بل بالقرائن وإلا فاليوم حقيقة في ما بين الفجر الى غروب الشمس والليلة ما عدا ذلك ، واستعمال أحدهما في مسماه منضما لا يعلم بمجرد اللفظ. انتهى. وبه صرح الشهيد في الدروس.
وقيل بدخولها وهو منقول عن العلامة واليه جنح شيخنا الشهيد الثاني في المسالك حيث قال : لا خلاف عندنا في ان أقل الاعتكاف ثلاثة أيام إنما الكلام في مسمى هذه الأيام هل هو النهار لانه المعروف منها عند الإطلاق لغة واستعمالا حتى في القرآن الكريم لقوله تعالى (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً) (٢) أم المركب منه ومن الليل لاستعماله شرعا فيهما أيضا في بعض الموارد ، ولدخوله في اليومين الأخيرين؟ فعلى الأول فمبدأ الثلاثة طلوع الفجر وعلى الثاني الغروب والنصوص مطلقة وكذا كثير من عبارات الأصحاب ، واختار المصنف في المعتبر والشهيد في الدروس الأول ورجح العلامة وجماعة الثاني وهو أولى ، وأكمل منه ان يجمع بين النية عند الغروب وقبل الفجر. انتهى.
والسيد السند في المدارك حيث اختار الأول قال بعد نقل كلام جده واستدلاله : وهو استدلال ضعيف فان الاستعمال أعم من الحقيقة ودخول الليل في اليومين الأخيرين انما استفيد من دليل من خارج ، وكيف كان فالترجيح للقول الأول لما عرفت.
ونقل في المدارك عن بعض الأصحاب انه احتمل دخول الليلة المستقبلة في مسمى اليوم ، قال : وعلى هذا فلا تنتهي الأيام الثلاثة إلا بانتهاء الليلة الرابعة. ثم قال : وهو بعيد جدا بل مقطوع بفساده.
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ٢١٣.
(٢) سورة الحاقة الآية ٨.