قوله «متعمدا» أى متعمدا إيصال الماء الى الحلق ، وفيه ان هذا يكون من قبيل الألغاز الخارج عن الحقيقة والمجاز فان «متعمدا» في الخبر قيد في المضمضة والاستنشاق حيث انه حال من الصائم الذي هو فاعل «يتمضمض ويستنشق» فصرفه الى ما ذكره يكون من قبيل ما ذكرناه وهو مناف لحكمة التعليم والافهام بل مخل بمعنى الكلام وموجب لانحلال الزمام واختلال النظام ، واما ان يقدره في الكلام من خارج من غير أن يكون في ألفاظ الخبر دلالة عليه ولا اشارة اليه ، وحينئذ يلغو ذكر «متعمدا» في الخبر ويصير ذكره بغير فائدة ، لأنه يصير حاصل المعنى حينئذ إذا تمضمض الصائم أو استنشق وقصد إيصال الماء الى الحلق فعليه الكفارة ، إذ الفرض ان هذا القائل قائل بجواز المضمضة والاستنشاق بقول مطلق وانما يمنع منهما إذا قصد بهما إيصال الماء الى الحلق ، فحاصل معنى الخبر على ما يقول به هو ما ذكرناه وحينئذ فذكره عليهالسلام «متعمدا» في الخبر يكون لغوا لا فائدة فيه ولا أظنه يلتزمه. وبالجملة فما ذكره في الجواب لا أعرف له وجها من وجوه الصواب.
وغاية ما تدل عليه الاخبار هو انه ربما سبق الماء الى حلق الصائم لا عن تعمد ، وانه إذا كان كذلك في وضوء النافلة فعليه القضاء خاصة واما في وضوء الفريضة فلا شيء عليه :
ففي صحيحة حماد عن ابى عبد الله عليهالسلام (١) «في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل حلقه الماء؟ فقال ان كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء وان كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء». ومثلها موثقة سماعة (٢).
وبذلك يظهر لك ان الخبر من ما لا يصلح للاعتماد عليه ولا الاستناد في حكم مخالف للأصل اليه ، وبه يظهر قوة القول الأخير.
__________________
(١) الوسائل الباب ٢٣ من ما يمسك عنه الصائم.
(٢) الوسائل الباب ٢٣ من ما يمسك عنه الصائم ، وهي تفصل بين المضمضة من عطش والمضمضة في الوضوء.