فالإباحة وإن كانت مطلقة ، إلّا أنّه لا يباح بتلك الإباحة المطلقة إلّا ما هو جائز بذاته (١) في الشريعة ، ومن المعلوم أنّ بيع الإنسان مال غيره لنفسه غير جائز بمقتضى العقل (٢) والنقل (٣) الدال (٤) على لزوم دخول العوض في ملك مالك المعوّض ، فلا يشمله (٥) العموم في «الناس مسلّطون على أموالهم» حتى يثبت التنافي بينه وبين الأدلة الدالة على توقف البيع على الملك
______________________________________________________
الوفاء بالنذر والعهد ، فيما إذا نذر عتق عبد الغير ، فهل يصحّ أن يقال بالملك التقديري آنا ما؟
(١) المراد بالجائز الذاتي هو التصرف الذي ثبت حليّته للمالك مع الغضّ عن دليل السلطنة ، فتقتضي قاعدة السلطنة استقلاله في ذلك التصرف وعدم كونه محجورا عنه. وأمّا مثل عتق المباح له لعبد المبيح ـ بحيث يقع العتق للمباح له لا للمبيح ـ فليس من شؤون سلطنة المالك على ماله حتى تجوز إباحته للغير.
(٢) بناء على كون مفهوم المعاوضة تبادل الإضافتين الملكيتين عقلا.
(٣) بناء على دلالة الدليل الشرعي ـ ولو إمضاء ـ على التبادل بين الإضافتين الملكيّتين.
(٤) صفة للعقل والنقل ، لا للمقتضي ، إذ المقصود أنّ العقل والنقل يقتضيان دخول العوض في ملك من خرج المعوّض عن ملكه ، فإذا باع المباح له مال المبيح لنفسه لا للمبيح لم يدخل العوض في كيس مالك المعوّض ، فلم يتحقق مفهوم المعاوضة لا عقلا ولا نقلا. وعليه فالأولى أن يقال : «الدالين» لئلا يتوهم كونه وصفا ل «مقتضى».
(٥) هذه نتيجة قوله : «غير جائز» يعني : إذا كان موضوع قاعدة السلطنة خصوص التصرفات المشروعة ـ بأدلتها ـ كانت إباحة المالك لغيره البيع أو العتق أجنبية عن مدلول القاعدة.