في الآن المتعقّب (١) بالبيع والعتق فيما إذا باع الواهب عبده الموهوب أو أعتقه (٢) ،
______________________________________________________
كل تصرّف وبين دليل توقف البيع والعتق على الملك يقتضي الالتزام بصحة هذه الإباحة ، وصيرورة المال ملكا تقديريا للمباح له حتى يقع بيعه وعتقه في ملكه. ومع إمكان الجمع بهذا النحو بين الأدلّة. لا يبقى مجال لتخصيص دليل الإباحة المطلقة بما دلّ على إناطة مثل البيع بالملك ، بل يقال ببقاء المال على ملك المبيح ، ويقدّر دخوله في ملك المباح له بإرادة بيعه ، هذا.
وأجاب المصنف عنه بمنع قياس المقام برجوع الواهب وذي الخيار ، للفرق بين الملك التقديري الفرضي الذي التزموا به في مالكيّة الميّت لدية الجناية وبين ملك الواهب وذي الخيار ، فإنّه ملك حقيقي آنيّ في قبال الملك المستقر ، لأنّ تصرّفهما في العين ببيع ونحوه كاشف عن عودها إلى ملكيهما حقيقة ولو آنا ما. وهذا بخلاف مالكية الميت للدية ، فإنّها مجرّد فرض ، لامتناع تملكه حتى في آن واحد ، ولذا يفرض كونه مالكا للدية مقدّمة لصرفها ، ويقولون إنّها بحكم مال الميت.
والحاصل : أنّ كلّا من الملك الحقيقي والفرضي منوط بدليل شرعي ، ولو كان هو الجمع بين الأدلّة ، والمفروض كونه مفقودا في إباحة جميع التصرفات.
ثم إنّ الفرق بين الوجوه الثلاثة المذكورة إلى هنا لتصحيح الإباحة المطلقة هو : أنّ الملكية في الوجه الأوّل مجعولة من المتعاقدين ابتداء. وفي الوجه الثاني مجعولة ابتداء من الشارع ، لكونها مقتضى الجمع بين الدليلين. وفي الثالث مجعولة من الشارع أيضا ، نتيجة للإيقاع ، حيث إنّ فسخ الهبة أو البيع ورجوع الملك إلى مالكه يكون بالإيقاع لا بجعل الواهب أو ذي الخيار ، لكن الملك في الوجه الأوّل يكون مضمون العقد.
(١) بصيغة المفعول ، أي الآن الذي يتعقبه البيع والعتق.
(٢) قد سبق توضيح تملك الواهب بفسخه الفعلي في ما يتعلق باستبعادات