جريان المعاطاة فيها ، إلّا (١) إذا قلنا في المعاطاة بالإباحة ، فإنّ (٢) جماعة كالشيخ والحلّي والعلّامة صرّحوا بأنّ إعطاء الهدية ـ من دون الصيغة ـ يفيد الإباحة دون الملك. لكن (٣) المحقق الثاني رحمهالله ممّن لا يرى بكون المعاطاة عند القائلين بها
______________________________________________________
الفاقدة للصيغة حتّى يدلّ على جريان المعاطاة فيها ، بل هو أعم من صحتها ، لكفاية الإذن المالكي في جواز الإتلاف مع بقاء الرقبة على ملك الواهب ، كما هو الحال في إباحة الطعام للضيف مع كونه ملكا للمضيف.
وعليه فحكم بعض الأصحاب بجواز إتلاف العين الموهوبة غير كاشف عن التزامه بمملّكية الهبة المعاطاتية ، لما عرفت من أنّ جواز التصرف المتوقف على الملك ـ كالإتلاف ـ لازم أعم لكلّ من الملك والإباحة المالكية.
وأمّا الثاني فتوضيحه : أنّ ما نسبه المحقق الكركي إلى بعض الأصحاب ـ في الهبة ـ ممنوع ، إذ لا أصل له ، لأنّ توقف الملك في الهبة على الإيجاب والقبول اللفظيين كاد أن يكون متّفقا عليه بين الأصحاب ، بل صرّح شيخ الطائفة وغيره بمنع التصرف المنوط بالملك في معاطاة الهدايا ، ومعه كيف نسب المحقق الثاني إلى بعض الأصحاب إفادة معاطاة الهبة للملك؟ فإنّه مخالف للمشهور بل المدّعى عليه الإجماع. وعلى هذا لا أساس للنسبة المزبورة أصلا.
(١) ظاهره الاستثناء من قوله : «بجواز الإتلاف» وغرضه قدسسره منع أصل جواز إتلاف العين الموهوبة حتى لو فرضنا الملازمة بين جواز الإتلاف والملك ، وتوضيحه : أن إباحة التصرف في الهبة الفاقدة للصيغة تعبدية لا مالكية ، ومن المعلوم عدم اقتضاء مجرّد الإباحة لمشروعية التصرف المتوقف على الملك كالإتلاف والبيع والعتق والوقف ونحوها ، والدليل عليه تصريح جماعة ـ منهم شيخ الطائفة ـ بحرمة المباشرة مع الجارية المهداة بالهدية الفاقدة للإيجاب والقبول اللفظيين.
(٢) الظاهر أنّه تتمة للمستثنى وتعليل له ، فكأنه قال : «إلّا إذا قلنا في المعاطاة بالإباحة كما ذهب إليه جماعة .. إلخ».
(٣) استدراك على المستثنى وهو قوله : «إلّا إذا قلنا» وحاصله : أنّ المحقق الثاني قدسسره