.................................................................................................
__________________
إذ لو كان الأصحاب متّفقين على الإباحة في البابين لم يبق موضوع لعدم القول بالفصل ، بل كان اتّفاقهم على منع المعاطاة في الإجارة والهبة موهنا لاستفادة الملك من إطلاق أدلة البيع أيضا ، ولازمه القول بالإباحة المحضة تعبدا في الجميع ، وهو ضدّ مقصود المصنف من إثبات الملك في معاطاة البيع بالاستعانة من إطلاقات الإجارة والهبة.
وبعبارة أخرى : الاستدلال بعدم القول بالفصل بين البيع وبينهما يتوقف على ذهاب جمع إلى مملّكية معاطاتهما ، وجمع إلى الإباحة ، حتى يتجه إلحاق معاطاة البيع بهما ، فلو كان الملك فيهما منوطا بالإنشاء القولي ـ عند الكلّ ـ أشكل الأخذ بإطلاقاتهما ، ولزم تقييدها بالعقد المملّك ، ولا يبقى حينئذ مجال لاستفادة مملّكية البيع المعاطاتي ، هذا.
وأمّا ثالثا : فلأنّ مقصود المحقق الثاني قدسسره مجرّد استظهار تعميم المعاطاة لبابي الإجارة والهبة ـ من كلام البعض ، بلا نظر إلى كونها مفيدة للملك أو للإباحة ، فغرضه قدسسره كفاية إنشائهما بالفعل كما في البيع ، وأمّا إمضاء الشارع لما قصداه أو ترتّب الإباحة عليه تعبدا فذاك مقام آخر لا يلازم أصل الجريان ، هذا ما أفاده المحقق الإيرواني (١).
وهو وإن كان حقّا في نفسه ، فإنّ الغرض كفاية إنشاء العناوين الاعتبارية بالفعل ، لا ترتب خصوص الملك ، ومعنى كفايته ترتب الأثر المقصود من كلّ عنوان معاملي على إنشائه بالفعل ، وعدم توقفه على الصيغة المعهودة ، فقد يكون الأثر ملك العين كما في البيع والهبة والصلح على عين ، وقد يكون ملك المنفعة كما في الإجارة والصلح على المنفعة ، وقد يكون فكّ الملك وتحريره كما في وقف المساجد ، وقد يكون الوثيقة للدّين كما في الرّهن ، وقد يكون غير ذلك كما في النكاح والطلاق والعارية والوديعة والوكالة والعتق.
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٨٦