.................................................................................................
__________________
فملخص الكلام فيها هو : أنّه بناء على إفادة المعاطاة المقصود بها التمليك للإباحة أو الملك ـ على الخلاف ـ يكون التلف ملزما ، لما عرفت من تسالمهم عليه.
أمّا على الأوّل فلعدم ما يوجب الضمان الذي هو سبب جواز الرجوع ، وذلك لأنّ موجب الضمان لا يتصور هنا إلّا اليد ، وهي لا توجبه ، لأنّ اليد هنا أمانيّة ، لإذن الشارع في التصرفات ، فلا تشملها قاعدة اليد تخصيصا أو تخصّصا ، فكل واحد من المالين قد تلف من مال مالكه. وعلى فرض الشك في الضمان فمقتضى أصالة البراءة عدمه ، هذا.
ثم إنّه قيل بكون لزوم المعاطاة عندهم بالتلف على القول بالإباحة راجعا إلى صيرورتها معاوضة بين العينين ، ولمّا لم يكن التالف قابلا للمعاوضة عليه فلا بد من حمل كلامهم على إرادة المعاوضة قبل التلف آنا ما ليقع تلف كل واحد من المالين في ملك من انتقل إليه ، لا من انتقل عنه هذا.
لكنه لا وجه للالتزام بذلك ، فإنّ ظواهر كلماتهم هي لزوم الإباحة ، لا صيرورة المعاطاة موجبة للملك اللازم بسبب التلف ، ولا يقتضي الجمع بين الأدلة الالتزام بمملّكيتها بالتلف ، إذ لا دليل إلّا أصالة بقاء المالين على ملك مالكيهما ، والإجماع على إباحة التصرف ، وهما لا يقتضيان الملك آنا ما. وأمّا دليل اليد فلا يجري هنا ، لكون اليد أمانيّة ، فتدبّر.
وأمّا على الثاني ـ وهو كون المعاطاة المقصود بها التمليك مفيدة للملك ـ فلأنّ أصالة اللزوم المستفادة من عمومات اللزوم تقتضي اللزوم ، إذ المخصص لبّي ، والمتيقن منه هو الجواز المتعلّق بترادّ العينين المتوقف على بقائهما ، فبتلفهما ينتفي موضوع الجواز. وقد قرر في محله أنّ المرجع عند الشك في المخصّص المجمل هو أصالة العموم فيما عدا المتيقن من الخاص ، لكون الشك حينئذ في التخصيص الزائد. ولا مجال لاستصحاب حكم الخاص بعد دلالة العام على اللزوم في كل زمان ، وكون المتيقّن خروجه هو خصوص الزمان الأوّل.