.................................................................................................
______________________________________________________
زيد كتابه ـ في مدة الخيار ـ من بكر كان نفس البيع فسخا للعقد الواقع بينه وبين عمرو.
ويترتّب على هذا التصرّف أمران إنشائيّان طوليّان ، أوّلهما : انتقال الكتاب من عمرو إلى زيد وهو ذو الخيار. والآخر : انتقال الكتاب من زيد إلى بكر.
والفسخ في كلا الوجهين كاشف عن عود المال ممّن عليه الخيار إلى من له الخيار ، لكنّه كاشف محض عن تحقق إرادة التصرف في الوجه الأوّل. بخلافه في الوجه الثاني ، فإنّه سبب لتحقق الفسخ. فلو تبيّن بطلان بيع الكتاب من بكر لم يتحقق فسخ البيع الأوّل بين زيد وعمرو بناء على الاحتمال الثاني ، وهو حصول الفسخ بنفس التصرف لا بإرادته.
إذا اتّضح ما ذكرناه من الأمرين فنقول : في توضيح الوجه الأوّل : إذا تعاطى زيد وعمرو كتابا بدينار ، فبناء على الإباحة يكون الكتاب باقيا على ملك زيد وإن كان بيد المباح له ، والدينار باق على ملك عمرو ، فإذا باع المباح له ـ وهو عمرو ـ الكتاب من بكر كان نفس هذا العقد الناقل سببا لتملكه له ، وتملّك المشتري وهو بكر.
فإذا فرض عود الكتاب إلى عمرو بفسخ هذا البيع الناقل عاد الكتاب إلى ملك مالكه الأوّل ـ وهو زيد الذي أباح كتابه لعمرو ـ ويبقى مباحا بيد عمرو كما يبقى الدينار مباحا بيد زيد ، إذ المفروض أنّ العلّة في انقطاع علقة مالكية زيد الكتاب كانت هي العقد الناقل بين عمرو وبكر ، فإذا انحلّ هذا العقد بالفسخ فكأنّه لم يتملك عمرو الكتاب أصلا.
فإن قلت : إذا انفسخ العقد اللّازم بين عمرو وبكر لم يكن وجه لعود الكتاب الى ملك المبيح ، بل يبقى ملكا للمباح له ، لأنّ ذلك العقد يكشف عن دخول الكتاب في ملك المتصرّف المباح له آنا ما قبل البيع ، فإذا انحلّ البيع عاد إلى ملك عمرو ، لا إلى ملك زيد المبيح.
قلت : ليس كذلك ، إذ المناط في هذا الوجه ـ لإبقاء جواز التراد ـ هو كون نفس العقد اللازم سببا لأمرين طوليّين ، أحدهما : دخول المال في ملك المباح له ،