لا عبرة به ولا بوقوع القبض بعده (١) خاليا عن قصد الإنشاء ، بل بانيا (*)
______________________________________________________
والإيقاعات ـ القصد إلى العنوان والتسبّب إليه باللّفظ أو الفعل ، أو إبرازه بأحدهما ، على الخلاف في حقيقة الإنشاء. فإن أنشئت المعاملة بالإيجاب والقبول اللفظيين اعتبر تحقق قصد التمليك مقترنا بهما ، وتترتب آثار البيع على هذا الإنشاء القولي ، فيجب الوفاء به بتسليم المبيع للمشتري ، والثمن للبائع ، ولا يقصد المتبايعان إنشاء التمليك بالقبض والإقباض ، وإنّما قصداه بالقول.
وإن أنشئت المعاملة بالمعاطاة اعتبر القصد إلى التمليك والتملك حين التعاطي ، لفرض التسبّب به إلى العنوان البيعي.
وعلى هذا فإذا كان الإنشاء بالقول الملحون ، وزعم المتبايعان تأثيره في النقل والانتقال كان قبض العينين خاليا عن قصد الإنشاء ـ كما يقصدانه في المعاطاة ـ بل هو مبني على وجوب الوفاء بذلك الإنشاء القولي الملحون ، كما إذا كان ذلك اللفظ جامعا للشرائط والخصوصيات ، حيث إن القبض المترتب عليه متمحض في الوفاء به ، وليس هناك قصد ثانوي لإنشاء المعاملة بالتقابض.
ولمّا كان الإنشاء الملحون ساقطا عن التأثير عند المشهور ـ وكان القبض بعنوان الوفاء لا بعنوان الإنشاء الجديد ـ فلا محالة لم يتحقق سبب قولي ولا فعلي للتمليك. وهذا بخلاف المعاطاة المتعارفة ، فإنّ التعاطي إنشاء التمليك ، ويشمله إطلاق دليل إمضاء البيع.
(١) أي : بعد القول غير الجامع الشرائط اللزوم. وجه عدم العبرة بهذا القبض هو خلوّه عن قصد الإنشاء ، لأنّ المتعاملين زعما تأثير ذلك القول ، واعتقدا وجوب الوفاء به ، ضرورة كون الوفاء بالعقد الصحيح حقّا على كلا المتعاملين ، فأقبض كلّ منهما ماله للآخر أداء لهذا الحق ، لا إنشاء جديدا للمعاملة. وحيث إنّ أصل الإنشاء باطل ، فالقبض المتأخر عنه كذلك.