إن كان (١) تراضيا آخر حادثا بعد العقد ، فإن كان لا على وجه المعاطاة ، بل كلّ منهما رضي بتصرف الآخر في ماله من دون ملاحظة رضاء صاحبه بتصرّفه في ماله ، فهذا ليس من المعاطاة ، بل هي إباحة مجّانيّة من الطرفين تبقى ما دام العلم بالرضا ، ولا يكفي فيه عدم العلم بالرجوع ، لأنّه (٢) كالإذن الحاصل من شاهد الحال (٣) ، ولا يترتب عليه أثر المعاطاة من اللزوم بتلف إحدى العينين ، أو جواز التصرف إلى حين العلم بالرجوع.
______________________________________________________
(١) لم يذكر المصنف عدلا لهذه الشرطية ، فالأولى أن يقال : «ان هذا التراضي الحادث بعد العقد إن كان لا على وجه المعاطاة .. إلخ».
(٢) تعليل لدوران هذه الإباحة المجّانية مدار العلم بالرضا ، وعدم كفاية الجهل بالرجوع عن الإباحة.
(٣) في لزوم إحراز الإذن في إباحة التصرف ، وعدم كفاية عدم العلم بالرجوع عن الإذن. والوجه في عدم الكفاية هو : أنّ الإذن بالتصرف انحلالي ، فكلّ فرد من أفراده الطولية والعرضية لا بدّ أن يكون مقرونا بالإذن ، فمع العلم به يجوز التصرف ، وبدونه لا يجوز. ومع الشّك لا مجال للاستصحاب ، لتعدد الموضوع ، ضرورة أنّ كل فرد من أفراد التصرف موضوع مستقل ، واستصحاب الإذن في الفرد المشكوك فيه تسرية الحكم من موضوع إلى آخر ، وهو أجنبي عن الاستصحاب ومندرج في القياس المسدود بابه.
وبالجملة : فلا مجال لاستصحاب الإذن في الفرد من التصرف. بخلاف الرجوع في المعاطاة المفيدة للإباحة الشرعية ، حيث إنّ غايتها رجوع المالك ، ومع الشك فيه يستصحب عدم الرجوع.
ففرق واضح بين الرجوع في المعاطاة ، وبين الإذن وطيب النفس في الإباحة المالكية ، فإنّ الإباحة المالكية منوطة بالعلم بطيب النفس في كل فرد من