كون القابض مالكا مستحقا لما يقبضه جهة تقييدية (١) مأخوذة في الرّضا ينتفي بانتفائها في الواقع كما في نظائره (٢).
وهذان الوجهان ممّا لا إشكال فيه في حرمة التصرف في العوضين.
______________________________________________________
العقد الفاسد ، ورضا كلّ منهما ، بالتصرف في مال الآخر اعتقادا بأنّه ماله ، أو تشريعا.
وحاصل التعليل : أنّ المستفاد من مثل قوله عليهالسلام : «لا يحل مال امرء مسلم إلّا بطيبة نفسه» هو اعتبار طيب نفس المالك بتصرف الغير في ماله بما أنّه ماله وهو مالكه ، فإذا أنيط الرضا بكون القابض مالكا انتفى بانتفاء المالكية ، إذ ليس رضا المالك ـ بما أنّه أجنبي عن المال ـ كافيا في جواز التصرف.
وعلى هذا فإذا باع زيد كتابا من عمرو بدينار ـ ببيع صحيح ـ وأقبضه الكتاب كان رضاه بالقبض من جهة كون القابض مالكا مستحقا للكتاب. وأمّا إذا كان بيعه فاسدا فالمشتري القابض للمبيع يعلم بعدم مالكيّته للكتاب وعدم استحقاقه له ، وحرمة التصرف فيه من جهة انتفاء الملكية.
والحاصل : أنّ الرضا بالقبض ليس مطلقا ، بل مقيّد بكون القابض مالكا ، وحيث إنّ الملكية منتفية في الوجه الأوّل والثاني كان الرضا بالقبض منتفيا أيضا ، فيكون تصرف الآخذ كتصرف الغاصب في الضمان والحرمة.
(١) يعني : يتقيّد الرّضا بالتصرف بما إذا كان القابض مالكا مستحقا لما يقبضه.
(٢) كما إذا أعطى زيد دينارا لعمرو باعتقاد كونه مديونا له ، فأدّى دينه به ، ورضي بتسلّم عمرو للدينار وتصرّفه فيه بما أنّه مالكه ، ولكن علم عمرو بعدم استحقاقه شيئا على زيد ، فإنّه لا يجوز له التصرف في الدينار بمجرد رضا زيد بإقباضه إياه.
ووجه عدم الجواز هو : أنّ رضا زيد بالتصرف في الدينار ليس مطلقا ، بل مقيّد بكون القابض ـ وهو عمرو ـ مالكا ، ومع عدم مالكيته له واقعا ينتفي رضا زيد بالتصرف في ماله ، فإنّ انتفاء المقيّد بانتفاء قيده من القضايا التي قياساتها معها.