لزومها «بأن الأفعال ليست كالأقوال في صراحة الدلالة» (١). وكذا ما تقدّم من الشهيد رحمهالله في قواعده من «أنّ الفعل في المعاطاة لا يقوم مقام القول ، وإنّما يفيد الإباحة» (٢). إلى غير ذلك من كلماتهم الظاهرة في أنّ محلّ الكلام هو الإنشاء الحاصل بالتقابض.
وكذا كلمات العامة (٣) ، فقد ذكر بعضهم : أنّ البيع ينعقد بالإيجاب والقبول وبالتعاطي (١).
ومن (٢) أنّ الظاهر أنّ عنوان التعاطي (*) في كلماتهم لمجرّد (٣)
______________________________________________________
(١) الظاهر في التقابض. وإرادة مطلق الفعل منه ـ ولو مجرّد وصول العوضين ـ محتاجة إلى القرينة.
(٢) معطوف على قوله قبل أسطر : «من أن ظاهر .. إلخ» وهذا ثاني وجهي الاشكال ، ومقصوده تصحيح المعاطاة بمجرّد وصول العوضين ، وعدم توقفها على القبض ولو من طرف واحد.
وحاصله : أنّ عنوان التعاطي لم يقع في حيّز دليل حتى يتبع ذلك بخصوصه. وعليه فاللازم حينئذ ملاحظة دليل صحة المعاطاة ، فإن اقتضى دليلها التعدّي عن التعاطي إلى كلّ فعل يدلّ على الرضا فلا بدّ من التعدّي إليه ، وإلّا فيقتصر على التعاطي ، فنقول : إنّ عمدة الدليل على صحة المعاطاة هي السيرة الموجودة في غير صورة التقابض أيضا ، لوجودها في أخذ الماء والبقل وغير ذلك من الجزئيات من دكاكين أربابها مع عدم حضورهم ، فإنّ بناء الناس على أخذها ووضع الفلوس في الموضع المعدّ لها.
وبالجملة : فعلى هذا يكون المعيار في المعاطاة وصول المالين أو أحدهما مع التراضي بالتصرف.
(٣) خبر قوله : «أن عنوان التعاطي».
__________________
(١) : جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٥٨
(٢) القواعد والفوائد ، ج ١ ، ص ١٧٨ ، رقم القاعدة ٤٧ والعبارة منقولة بالمعنى.
(٣) تقدم نقل بعض كلماتهم في عدّ الأقوال في المعاطاة ، فراجع ج ١ ، ص ٣٢٩