.................................................................................................
______________________________________________________
العقود اللازمة دليل لبيّ ، ولم يعلم قيامه على خروج كل عقد فعلي عن عموم أصالة اللزوم ، أو على خروج إنشاء خصوص القادر على اللفظ. وقد تقرّر في الأصول مرجعيّة أصالة العموم ـ عند دوران المخصّص المنفصل المجمل المردّد بين الأقل والأكثر ـ في ما عدا المتيقن من المخصص. فيحكم بالفرق بين معاطاة القادر على التلفظ والعاجز عنه ، بالجواز في الأوّل واللزوم في الثاني.
ونتيجته : أنّه لا يتوقف لزوم عقد الأخرس على الإشارة القائمة مقام اللفظ ، بل كما تصحّ إشارته تصح معاطاته ، وتفيد ملكا لازما.
الثاني : أنّ ظاهر المتن وجود سنخين من الإنشاء في العاجز عن التكلم ، فتارة يأتي بالإشارة المفهمة للمقصود ، فتقوم مقام اللفظ بالنسبة إلى القادر عليه. وأخرى يقتصر على مجرّد الإعطاء والأخذ بقصد التمليك والتملك ، فيكون كالتقابض من المتكلم. ولكن معاطاة القادر على التلفظ والعاجز عنه مختلفان حكما ، فهي من المتكلم جائزة ، ومن العاجز عنه لازمة.
وحيث كانت الإشارة والمعاطاة متمشّية من مثل الأخرس ـ وإن لم يكن بينهما فرق في الحكم ـ توقّف إحراز أحدهما على القرينة المعيّنة.
وهذا المطلب قد أفاده صاحب الجواهر قدسسره أيضا بقوله : «نعم يعتبر وجود القرينة الدالة على إرادة العقد بها ـ أي بالإشارة ـ أو المعاطاة. وبها يحصل الفرق بين المعاطاة والعقد في العاجز» (١).
ولكنه في جملة أخرى من كلامه استفاد من إطلاق كلام الفقهاء ـ من قيام إشارة الأخرس مقام الصيغة ـ أنّهم قائلون بعدم كون المعاطاة بيعا ، قال قدسسره : «ولكن قد سمعت سابقا إطلاق الأصحاب قيام الإشارة مقام العقد من غير إشارة إلى بيع المعاطاة. وفيه إشارة إلى عدم كونها بيعا» (٢).
__________________
(١) : جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٥١
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٥٢