.................................................................................................
__________________
الدليل ، فإذا شككنا في جعل ملكة العدالة ـ بوجودها الواقعي أو بوجودها العلمي ـ موضوعا لأحكام تجري البراءة في تلك الأحكام إن كانت إلزاميّة ، وأصالة العدم إن كانت غير إلزامية كما لا يخفى.
وأمّا الوجه الثاني فمحصل البحث فيه : أنّه إن كان الشّك في اعتبار كيفية خاصة ـ كالماضوية مثلا ـ فمع إطلاق دليل صحة ذلك الأمر الاعتباري كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) و «الصلح جائز بين المسلمين» وغير ذلك ، فلا إشكال في الرجوع إلى ذلك الإطلاق المقتضي لنفي اعتبار الكيفية الخاصة ، وعدم دخلها في موضوعية ذلك الاعتبار النفساني ، فيحكم بجواز إبرازه بالقول مطلقا وإن لم يكن بهيئة الماضي مثلا.
ومع عدم إطلاق دليل صحة ذلك الاعتبار يحكم بعدم دخل كيفية خاصة في ترتب الأثر الشرعي ، لأصالة البراءة أو أصالة العدم. وإن كان الشك في موضوعية ذلك الاعتبار إذا أبرز بغير ما دلّ الدليل على مبرزيّته كما إذا دلّ دليل ـ من إجماع أو غيره ـ على اعتبار إنشاء البيع بالقول ، وشككنا في أنّه إذا أنشئ بالفعل ـ من إشارة أو غيرها ـ فهل يترتب عليه ما يترتّب على إنشائه بالقول من الآثار الشرعية أم لا؟ فهذا يتصور على وجهين :
أحدهما : أن يكون الشك في اعتبار خصوص القول تعبّدا مع كون الفعل مصداقا لذلك الاعتبار كالبيع مثلا ، بحيث يكون صدق البيع عرفا على المنشأ بالفعل كصدقه كذلك على المنشأ بالقول.
والآخر : أن يكون الشك في صدق العنوان الاعتباري على الفعل ، كما إذا شكّ في صدق البيع على التمليك المنشأ بالفعل. وهذا أحد المسلكين في عدم إفادة المعاطاة اللزوم ، حيث إنّه قيل بعدم كون الفعل مصداقا لعنوان من عناوين العقود ، فيكون قاصرا عن إفادة التمليك فضلا عن اللزوم ، ولذا ذهبوا إلى إفادتها الإباحة.
والمسلك الآخر هو : إفادة المعاطاة للإباحة ، لا لعدم مصداقيّتها للبيع ، بل للإجماع