.................................................................................................
__________________
«اشتريت» ونحوه على القبول ـ بالمعنى المزبور ـ إنّما تكون بالالتزام ، وعلى النقل والتملك بالمطابقة. ودلالة الأمر على القبول إنّما تكون بالكناية ، لأنّ مطلوبية البيع الذي هو مادة الأمر يلزمها الرّضا بإيجابه.
لكن هذا الفرق ليس بفارق في جهة البحث وهي تقدّم القبول على الإيجاب.
ولو نوقش في دلالة بعض الألفاظ على القبول مع تقدّمها على الإيجاب ، فإنّما هو مناقشة صغروية لا تقدح في البحث الكبروي ، وهو تقدم القبول على الإيجاب ، بعد كون القبول هو الرّضا بالإيجاب ، وعدم اعتبار شيء آخر ـ كالنقل في الحال ـ فيه.
وبالجملة : فالحقّ جواز تقديم القبول مطلقا ولو كان بلفظ الأمر ، إن كان مفهوم القبول بسيطا وهو الرّضا بالإيجاب ، لما عرفت من جواز تعلّق الرّضا بإيجاب استقبالي كتعلّقه بإيجاب حاليّ ، وعدم جواز التقديم إن كان مفهومه مركّبا من الرّضا بالإيجاب والنقل في الحال ، وإن كان بلفظ «اشتريت وابتعت وملكت». فمناط جواز التقديم وعدمه هو بساطة مفهوم القبول وتركّبه من غير دخل لدلالة الألفاظ من حيث الصراحة وعدمها في ذلك ، كما لا يخفى.
كما أنّه قد ظهر مما ذكرنا أيضا غموض تفصيل آخر ، وهو ما أفاده المصنف قدسسره أيضا من الفرق بين أنواع العقود ، وملخّصه : أنّ القبول في العقود على أقسام ، لأنّه إمّا التزام بشيء كالالتزام بنقل ماله إلى الغير عوضا عن ماله كما في العقود المعاوضيّة كالبيع والإجارة ، وما بحكمهما كالنكاح ، فإنّ القابل وهو الزوج يلتزم بالزوجيّة. وهذا القسم يتصور على وجهين :
أحدهما : كون الالتزام الحاصل من القابل نظير الالتزام الحاصل من الموجب كالمصالحة المعاوضية ، حيث إنّ كلّا منهما يتسالم صاحبه على المال.
ثانيهما : كونه مغايرا له كالاشتراء ، إذ الملحوظ فيه عوضيّته لمال آخر.