.................................................................................................
__________________
فإنّ دليل صحة المعاطاة إن كانت هي الأدلة اللفظية المتقدمة فإطلاقها كما ينفي اعتبار اللفظ في الإنشاء كذلك ينفي اعتبار الفعل ، فكلّ ما حصل به إنشاء المعاملة صحّ بمقتضى تلك الأدلّة. وإن كانت هي السيرة والإجماع فكلّ أحد يعلم أنّ السيرة لا تدور مدار الإنشاء بأسباب خاصة ، بل كلّ ما حصل به إنشاء المعاملة من قول أو فعل أو إشارة كفى في ترتيب أثر المعاملة عند العقلاء وأهل العرف» (١).
لكن يمكن أن يقال : أمّا ما أفاده الميرزا قدسسره فإنّ قابلية الفعل لإبراز العنوان القصدي أو إيجاده أو آليته له وإن كانت مسلّمة ، فكما لا تصلح صيغة النكاح لإنشاء البيع مثلا ، فكذا الحال في الإنشاء بالفعل. إنّما الكلام في التطبيق ، إذ المرجع في صدق البيع على المعاطاة هو العرف ، ولا يعتبر عندهم أزيد من قصد العنوان والتوصّل إليه بلفظ أو فعل ، فكما تقع المعاملة عندهم بالملامسة والمنابذة ، فكذا يصح إنشاؤها بإعطاء أحدهما وأخذ الآخر.
هذا مضافا إلى : النقض بموارد التزم الميرزا قدسسره بجريان المعاطاة فيها بإعطاء أحدهما وأخذ الآخر كالقرض وبيع النسيئة والسّلم ، فالقرض مثلا تمليك عين بضمان البدل ، فلا بد أن يكون أخذ المقترض تملّكا للعين وتمليكا للمثل أو القيمة ، إذ لو لا هذا التمليك وضمانه بالبدل لكان تصرفه عدوانيا. ولا وجه لتصحيح القرض المعاطاتي إلّا الالتزام بأنّ أخذ المقترض آلة عرفا لتملكه للمال ولتمليكه للمثل أو القيمة أي ضمانه لأحدهما.
وكذا الحال في بيع السّلم ، إذ لم يصدر منهما إعطاءان ، بل إقباض الثمن خاصة.
فتحصّل : أن بيان الميرزا قدسسره غير ظاهر نقضا وحلّا.
وأمّا ما أفاده المحقق الإيرواني قدسسره فلا يخلو من غموض أيضا ، إذ المقصود البحث عن حال الإعطاء الواحد من حيث كونه سببا لإنشاء البيع عرفا وعدمه ، لا من
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٨٣