.................................................................................................
__________________
لكنه لا يخلو من غموض ، لعدم خطور ذلك في ذهن الحمّامي غالبا حتى يمكن أن يقال بتحقق التوكيل ، والمفروض أنّ الوكالة من العقود المتقومة بالقصد. وليس هنا كلام يتوقّف صحته على التقدير حتى يقال : إنّ دلالة الاقتضاء تقتضي تقديرا ليصح الكلام معه ، ويكون ذلك كاشفا عن الثبوت وهو قصد التوكيل ، إذ لم يصدر هنا إلّا فعل كفتح باب الحمام ، وصحّته لا تتوقّف على فرض قصد التوكيل حتى يكون من قبيل «أعتق عبدك عنّي» وذلك لما عرفت من إمكان كونهما من الإباحة بالعوض.
كما أنّ توهّم «كون مثال الحمام من قبيل الإجارة المعاطاتية ، بدعوى : كون العين المستأجرة نفس الحمام كلّا أو بعضا ، وعدّ المياه المستعملة فيه منفعة له حتى لا يرد عليه : أنّ المياه عين ، وهي تتلف بالانتفاع بها ، وهذا خلاف مقتضى الإجارة من اعتبار بقاء العين المستأجرة لينتفع بها» مندفع بجهالة المدة ، مع أنّ تعيينها من أركان الإجارة.
كما أنّ احتمال كونها مصالحة معاطاتية أو هبة كذلك بشرط العوض ممّا لا مثبت له بعد كون كل منهما عنوانا قصديّا يحتاج ترتيب أحكام كل منهما إلى إحراز عنوانهما.
فالأولى أن يقال : إنّ الأمثلة المذكورة كلّها من قبيل الإباحة بالعوض ، فإنّ مقتضى الاستصحاب بقاء الأعيان المزبورة من الماء والخضروات على ملك مالكيها. وفتح باب الحمام أو دكّان بائع الخضروات ، وكذا وضع السّقّاء قربة الماء أو أوانيه مملوءة من الماء في مكان معدّ لشرب الناس منها إذن وإباحة في التصرف في الماء والخضروات ، فبقاؤهما على ملك مالكيهما محرز تعبّدا ، والإذن محرز وجدانا. وليس هذا إلّا إباحة التصرف الثابتة بقاعدة سلطنة الناس على أموالهم.
ومع هذا الاحتمال الذي يساعده الصناعة لا موجب لجعل الأمثلة المذكورة من قبيل قوله : «أعتق عبدك عنّي» إذ لا دليل على كونها من قبيل ذلك ، فإنّ الالتزام بالوكالة