.................................................................................................
__________________
أو غصب أو إطارة ريح ، فقصد المعاوضة بلا فعل من كلّ منهما» (١).
وأنت خبير بما فيه ، لأنّ المراد بالعطاء هو ما يتحقق به البيع ويكون سببا لإنشائه ، ومن المعلوم أنّ وضع الماء في مكان معدّ للاستسقاء منه ، وفتح باب الحمّام ليسا كذلك ، إذ لو كانا سببين للإنشاء لزم منه إشكالان :
أحدهما : الفصل بين الإيجاب والقبول غالبا.
ثانيهما : الجهل بالمبيع ، لتفاوت الشاربين وداخلي الحمام في مقدار الماء الذي يستعملونه للارتواء والتنظيف أو الغسل ، إلّا إذا عيّن مالك الماء والحمام كيلا معيّنا للماء الذي يشربه الشارب ، كما يضع السّقاء أحيانا بدل القربة أواني مملوءة من الماء في محلّ لشرب الشاربين منها ، أو يستعمله من يدخل الحمام.
ولكنه خلاف المتعارف ظاهرا ، فإنّ بناءهم على ارتواء الظامي بمبلغ معيّن ، ومن المعلوم اختلاف المقدار الذي يروي الظامي باختلاف مراتب عطشه ، فدعوى كون الأمثلة المتقدمة من المعاطاة المتحققة بالتعاطي من الطرفين غير ثابتة.
والحق أن يقال : إنّ مثالي الشارب والوارد في الحمّام خارجان عن البيع المعاطاتي رأسا ، وداخلان في الإباحة بالعوض ، والدليل على ذلك السيرة القطعية الجارية على ذلك في الأشياء الحقيرة.
أو داخلان في معاوضة خاصة تمليكية. ودليلها قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ)
أو «كونها من قبيل : أعتق عبدك عني ، فيكون الشارب والوارد في الحمّام وكيلين عن السقّاء ومالك الحمام في إنشاء الإيجاب» كما احتمله سيّدنا الأستاذ قدسسره (٢).
__________________
(١) : حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٨٣
(٢) نهج الفقاهة ، ص ٦٠ و٦١