.................................................................................................
__________________
البستان. وهذا هو أوّل الوجوه المذكورة في كلام المصنف قدسسره وهو المسمّى بالبيع ، وإذا قال : «ملّكتك تمليك داري بأن تملّكني تمليك بستانك» كان ممّا نحن فيه ، وهو أجنبي عن تمليك نفس المال ، فإذا أريد إنشاؤه باللفظ فلا محيص من أن يقال : «ملّكتك تمليك داري بأن تملّكني تمليك بستانك» ولا يصح أن يقال : «ملّكتك داري ببستانك».
وعليه فإعطاء العين بقصد أن يملّك تمليكها ، لا بلحاظ كونه آلة لإنشاء ملكية متعلّقه حتى يكون هذا اللّحاظ آليّا ، ولحاظ نفس المال استقلاليا ، بل ليس إلّا لحاظ استقلالي ، هذا.
وأمّا دفع إشكال اجتماع اللحاظين في الفعل بما في كلام بعض الأجلة من «أنّه جار في الألفاظ الدالة بالذات أو الوضع على المعاني ، حيث إنّها آلات لإبراز معانيها ، ومع لحاظها آلة لا يعقل لحاظها استقلالا. وأمّا الأفعال فليست بذاتها أو بالمواضعة آلات لشيء ، فيمكن لحاظ الإعطاء الخارجي المقصود به التمليك مستقلا» فلا يخلو من غموض ، لأنّ الأفعال أيضا تكون آلة لإبراز المقاصد ، غاية الأمر أنّ مبرزيّتها لها إنّما تكون بالقرينة كالمقاولة المتقدمة على المعاملة ، فمجرد عدم دلالتها ذاتا أو بالوضع على المعاني لا يكون فارقا بين الألفاظ وبينها. وإنكار دلالة الأفعال على المعاني وإبرازها عنها مساوق لإنكار المعاطاة في جميع المعاملات.
فتلخص مما ذكرناه : أنّه لا مانع من ناحية اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي عن إمكان التمليك بإزاء التمليك.
ثم إنّ هذه المعاملة ـ أعني بها التمليك بإزاء التمليك ـ قد يقال : إنّها بيع ، حيث إنّ تعريفه ـ وهو المبادلة بين المالين ـ صادق عليها ، لما مرّ من أنّ التمليك بنفسه من الأموال. لكن صدق مفهوم البيع عليها مبنيّ على عدم اعتبار كون المبيع عينا ، وهو في حيّز المنع كما تقدّم في محلّه.