.................................................................................................
__________________
التمليكين فيه غموض وخفاء ، فإنّ التمليك بالإعطاء حال تعلقه بمتعلقه ملحوظ آلي ، وفي جعل نفسه معوّضا يحتاج إلى لحاظ استقلالي ، ولا يعقل اجتماع اللحاظين المتباينين في ملحوظ واحد ، فلا بدّ من أن يكون هذه المعاملة في ضمن معاملة أخرى كالصلح على التمليك بإزاء التمليك ، فيستحق كل منهما التمليك من الآخر بإزاء تمليك نفسه» (١).
توضيحه : أنّ الفعل كاللفظ ملحوظ آلة لمعناه الإنشائي أو الإخباري ، فالإعطاء إن كان ملحوظا آلة لإنشاء تمليك متعلقة فكيف يكون ملحوظا استقلالا كما هو المفروض؟ إذ التمليك المعوّض ملحوظ استقلالا. والجمع بين هذين اللحاظين في ملحوظ واحد جمع بين المتنافيين ، فالتمليك بإزاء التمليك غير معقول.
فلا بد من تصحيح هذه المعاملة مثلا بجعلها في ضمن صلح مثله ، كما إذا صالحه على أن يملّكه تمليك داره على أن يملّكه الآخر تمليك بستانه مثلا حتّى يكون التمليك ملحوظا استقلاليا ، هذا.
لكنك خبير بأنّ التمليك في المقام ليس إلّا ملحوظا بالاستقلال ، لأنّ المعوض ـ وهو التمليك ـ مقصود استقلالي ، كما إذا كان المطلوب نقل إضافة الملكية ، فإن نقلها مقصود بالاستقلال ، ولا تناله يد اللحاظ الآلي أصلا حتى يلزم اجتماع اللحاظ الاستقلالي والآلي اللّذين هما متباينان.
وببيان أوضح : تارة يكون العوضان إضافتي الملكيتين ، فيتعلق الإنشاء بنقل إضافة الملكية من الطرفين وتبديلها ، وهذا هو المبادلة بين المالين المفسّر بها البيع في المصباح. وأخرى : يكون العوضان نقل التمليك بإزاء مثله من الطرف الآخر ، بحيث يكون كلّ منهما ناقلا للتمليك إلى الآخر ، لا ناقلا لنفس المال.
فإذا قال : «ملّكتك الدار بالبستان» كان المنشأ نقل إضافة ملكية الدار بإزاء ملكية
__________________
(١) : حاشية المكاسب : ج ١ ، ص ٣٩