الثاني : أنها آية من كلّ سورة ، وهو قول عبد الله بن المبارك (١).
الثالث : قال الشّافعيّ ـ رضي الله تعالى عنه ـ : هي آية في الفاتحة ، وتردّد قوله في غيرها ، فمرة قال : هي آية من كل سورة ، ومرّة قال : ليست بآية إلّا من «الفاتحة» وحدها.
ولا خلاف بينهم في أنها آية من القرآن في سورة «النّمل».
واحتجّ الشافعيّ : بما رواه الدّارقطنيّ (٢) عن النبي ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم ـ أنه ربّ العالمين ، فاقرءوا «بسم الله الرّحمن الرّحيم ، إنّها أمّ القرآن ، وأمّ الكتاب ، والسّبع المثاني ، وبسم الله الرّحمن الرّحيم إحدى آياتها» (٣).
وحجّة ابن المبارك ما رواه مسلم (٤) أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم ـ قال : «أنزلت عليّ آنفا سورة» فقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ)(٥) [الكوثر : ١].
__________________
ـ الكتاب» (٢) حديث رقم (٢٩٥٣) وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن ـ والنسائي في السنن (٢ / ١٣٦) كتاب الافتتاح باب ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم رقم (٩٠٩) وابن ماجة في السنن حديث رقم (٣٧٨٤) والبيهقي في السنن (٢ / ٣٧ ، ٣٩ ، ٣٧٥) والحميدي في المسند (٩٧٣) ـ وذكره ابن عبد البر في التمهيد ٢ / ٢٣٠ والمنذري في الترغيب ٢ / ٣٦٧.
(١) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي بالولاء ، التميمي ، المروزي أبو عبد الرحمن : الحافظ ، شيخ الإسلام ، المجاهد التاجر ، صاحب التصانيف والرحلات. ولد سنة ١١٨ ه. أفنى عمره في الأسفار ، حاجا ومجاهدا وتاجرا. وجمع الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء. كان من سكان خراسان ومات ب «هيت» (على الفرات) سنة ١٨١ ه منصرفا من غزو الروم. له كتاب في «الجهاد» وهو أول من صنف فيه و «الرقائق». ينظر الأعلام : ٤ / ١١٥ ، وتذكرة الحفاظ ١ / ١٥٣ ، والرسالة المستطرفة ٣٧ ، وشذرات ١ / ٢٩٥.
(٢) علي بن عمر بن أحمد بن مهدي ، أبو الحسن الدارقطني الشافعي ، إمام عصره في الحديث وأول من صنف في القراءات وعقد لها أبوابا ، ولد ب «دار القطن» (من أحياء بغداد) سنة ٣٠٦ ه ورحل إلى مصر ، فساعد ابن حنزابة (وزير كافور الإخشيدي) على تأليف مسنده ، وعاد إلى بغداد فتوفي بها سنة ٣٨٥ ه. من تصانيفه : كتاب «السنن» و «العلل الواردة في الأحاديث النبوية» و «المجتبى من السنن المأثورة» و «المؤتلف والمختلف» الجزء الثاني منه وهو الأخير في دار الكتب. ينظر الأعلام : ٤ / ٣١٤ ، وفيات الأعيان ١ / ٣١١ ، وغاية النهاية ١ / ٥٥٨ ، وتاريخ بغداد ١٢ / ٣٤.
(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (١ / ٣٠٧) كتاب الصلاة باب وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة والجهر بها عن أم سلمة وأخرجه أيضا البيهقي (١ / ٣١٢) كتاب الصلاة باب وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم عن أبي هريرة.
(٤) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري أبو الحسين النيسابوري الحافظ أحد الأئمة الأعلام وصاحب الصحيح والطبقات. قال أحمد بن سلمة : رأيت أبا حاتم وأبا زرعة يقدمان مسلما في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما وقال أبو عبد الله بن الأحزم : توفي لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين ، ومولده سنة أربع. ينظر الخلاصة : ٣ / ٢٤.
(٥) أخرجه مسلم في الصحيح (٤ / ٣٠٠) كتاب الصلاة (٤) باب حجة من قال البسملة آية من أول كل ـ