قال : «لأن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن».
فهو مصدر في معنى الفاعل نحو : «رجل عدل وصوم».
ولا يطلق على غير الباري ـ تعالى ـ إلّا بقيد إضافة ؛ نحو قوله تعالى : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) [يوسف : ٥٠] ، ويقولون : «هو ربّ الدّار ، وربّ البعير» ، وقد قالته الجاهلية للملك من الناس من غير قيد ؛ قال الحارث بن حلّزة (١) : [الخفيف]
٤٨ ـ وهو الرّبّ والشّهيد على يو |
|
م الحيارين والبلاء بلاء (٢) |
وهذا من كفرهم.
وقرأ الجمهور : «ربّ» مجرورا على النعت «لله» ، أو البدل منه.
وقرىء منصوبا (٣) ، وفيه ثلاثة أوجه :
إمّا بما دلّ عليه الحمد ، تقديره : «أحمد (٤) ربّ العالمين».
أو على القطع من التبعية ، أو على النّداء وهذا أضعفها ، لأنه يؤدّي إلى الفصل بين الصفة والموصوف.
وقرىء (٥) مرفوعا على القطع من التبعية ، فيكون خبرا لمبتدإ محذوف ، أي : «هو ربّ» وإذ قد عرض ذكر القطع في التبعيّة ، فلنستطرد ذكره ، لعموم فائدته فنقول :
اعلم أنّ الموصوف إذا كان معلوما بدون صفته ، وكان الوصف مدحا ، أو ذما ، أو ترحّما ـ جاز في الوصف الإتباع والقطع.
والقطع : إما على النصب بإضمار فعل لائق ، وإمّا على الرّفع على خبر لمبتدإ محذوف ، ولا يجوز إظهار هذا الناصب ، ولا هذا المبتدإ ، نحو قولهم : «الحمد لله أهل الحمد» روي بنصب «أهل» ورفعه ، أي : أعني أهل ، أو هو أهل الحمد.
وإذا تكررت النّعوت ، والحالة هذه ، كنت مخيّرا بين ثلاثة أوجه :
__________________
(١) الحارث بن حلزة بن مكروه بن يزيد اليشكري الوائلي : شاعر جاهلي ، من أهل بادية العراق. وهو أحد أصحاب المعلقات. كان أبرص فخورا ، ارتجل معلقته بين يدي عمرو بن هند الملك ، بالحيرة ، ومطلعها : «آذنتنا ببينها أسماء» جمع بها كثيرا من أخبار العرب ووقائعهم. وفي الأمثال «أفخر من الحارث بن حلزة» إشارة إلى إكثاره من الفخر في معلقته هذه. له «ديوان شعر». ينظر الأعلام : ٢ / ١٥٤ ، الأغاني : ١١ / ٤٢.
(٢) ينظر شرح المعلقات للتبريزي : ٤٥٣ ، اللسان : حير ، شرح المعلقات السبع للزوزني : ١٣٩ ، الصحاح : ١ / ١٣٠ ، تفسير القرطبي : ١ / ٩٦ ، الدر : ١ / ٦٧.
(٣) وهي قراءة زيد بن علي. ينظر البحر المحيط : ١ / ١٣١.
(٤) في أ : الحمد.
(٥) ذكره السمين الحلبي في الدر المصون : ١ / ٦٧.