فإن قيل : إنما ورد ذلك من حيث المقابلة ، قلنا : نسلّم ، ولكنه قد سمى نفسه به ، ونحن لا يجوز لنا تسميته به.
وأما من حيث وروده في الشرع ، فقال الله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة : ١٥٢].
قوله تعالى : (رَبِّ الْعالَمِينَ).
الرّبّ : لغة : السيد ، والمالك ، والثّابت والمعبود ؛ ومنه قوله : [الطويل]
٤٦ ـ أربّ يبول الثّعلبان برأسه |
|
لقد هان من بالت عليه الثّعالب (١) |
والمصلح ، وزاد بعضهم أنه بمعنى : الصّاحب ؛ وأنشد القائل : [الكامل]
٤٧ ـ قد ناله ربّ الكلاب بكفّه |
|
بيض رهاب ريشهنّ مقزّع (٢) |
والظاهر أنّه ـ هنا ـ بمعنى المالك ، فليس هو معنى زائدا.
وقيل : يكون بمعنى الخالق.
واختلف فيه : هل هو في الأصل وصف أو مصدر؟
فمنهم من قال : [هو وصف أي صفة مشبهة بمعنى «مربّ»](٣) ، ثم اختلف هؤلاء في وزنه.
[فمنهم من قال](٤) : هو على «فعل» كقولك : «نمّ ـ ينمّ ـ فهو نمّ» من النّمام ، بمعنى غمّاز.
وقيل : وزنه «فاعل» ، وأصله : «رابّ» ، ثم حذفت الألف ؛ لكثرة الاستعمال ؛ لقولهم : رجل بارّ وبرّ.
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن «برّ» مأخوذ من «بارّ» بل هما صفتان مستقلتان ، فلا ينبغي أن يدّعى أنّ «ربّا» أصله «رابّ».
ومنهم من قال : إنه مصدر «ربّه ـ يربّه ـ ربّا» أي : ملكه.
__________________
(١) البيت للعباس بن مرداس ينظر ملحق ديوانه ص ١٥١ ، وللعباس أو لغاوي بن ظالم السّلمي ، أو لأبي ذر الغفاري ينظر لسان العرب : ١ / ٣٧ (ثعلب) ، ولراشد بن عبد ربه في الدرر : ٤ / ١٠٤ ، وشرح شواهد المغني ص ٣١٧ ، وأدب الكاتب : ص ١٠٣ ، ٢٩٠ ، ومغني اللبيب : ص ١٠٥ ، وجمهرة اللغة : ص ١١٨١ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٢٢ ، والبداية والنهاية : ٥ / ٩٢ ، الاستيعاب : ٥٠٥ ، الإصابة : ٢٥١٣ ، الأصنام لابن الكلبي : ٣١ ، القاموس : ١ / ٤١ ، المحرر الوجيز : ١ / ٦٧ ، الدر : ١ / ٦٧.
(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. ينظر ديوان الهذليين : ١ / ١٤١ ، لسان العرب (رهب) ، مجمع البيان : ١ / ٤٥ ، الدر : ١ / ٦٧.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.