ولا يجوز ثبوت همزة «أفعل» في شيء من ذلك إلا في ضرورة ؛ كقوله : [الرجز]
١١٩ ـ فإنّه أهل لأن يؤكرما (١) وهمزة «يؤمنون» ـ وكذلك كل همزة ساكنة ـ يجوز أن تبدل بحركة ما قبلها ، فتبدل حرفا مجانسا نحو : «راس» و «بير» و «يومن» ، فإن اتفق أن يكون قبلها همزة أخرى وجب البدل نحو : «إيمان» و «آمن».
فصل
قال بعضهم : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) يحتمل أن يكون كالتفسير لكونهم متقين ، وذلك لأن المتقي هو الذي يكون فاعلا للحسنات وتاركا للسيئات ، أما الفعل فإما أن يكون فعل القلب وهو قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ).
وإما أن يكون فعل الجوارح ، أساسه الصّلاة والصدقة ؛ لأن العبادة إما أن تكون بدنية ، وأصلها الصّلاة ، أو مالية وأصلها الزكاة ، ولهذا سمى الرسول عليه الصلاة والسلام : «الصّلاة عماد الدّين ، والزّكاة قنطرة الإسلام» (٢). أما التّرك فهو داخل في الصّلاة ، لقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت : ٤٥] واختلف الناس في مسمى الإيمان في عرف الشرع على أربع فرق :
الفرقة الأولى : قالوا : الإيمان اسم لأفعال القلوب ، والجوارح ، والإقرار باللسان ، وهم المعتزلة والخوارج والزيدية ، وأهل الحديث.
أما الخوارج فقد اتفقوا على أن الإيمان بالله يتناول المعرفة بالله ، وبكل ما وضع عليه دليلا عقليا ، أو نقليا من الكتاب والسّنة ، ويتناول طاعة الله في جميع ما أمر الله به من الأفعال والتروك صغيرا كان أو كبيرا.
فقالوا : مجموع هذه الأشياء هو الإيمان ، وترك كل خصلة من هذه الخصال كفر ،
__________________
(١) هذا شطر بيت من الرجز لأبي حيان الفقعسي. ينظر المقتضب : (٢ / ٩٨) ، الخصائص : (١ / ١٤٥) ، الخزانة : (٢ / ٣١٦) ، المخصص : (١٦ / ١٠٨) ، الهمع : (٢ / ٢١٨) ، الدرر : (٢ / ٢٣٩) ، المنصف : (١ / ٢٣٧ ، ١٩٢) ، التبصرة : (٢ / ٧٥١) ، والإنصاف : (١ / ١١) ، وارتشاف الضرب : (١ / ١١٨) ، والأصول : (٢ / ٣١٦) ، واللسان (كرم) ، الصحاح (كرم) ، الدر : (١ / ٩٦).
(٢) الحديث ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (١ / ٢٧٨) رقم (١٣٧٢) وعزاه لأبي نعيم في عواليه عن علي بن أبي طالب.
وأورده برقم (١٨٨٨٩) بلفظ الصلاة عماد الدين وعزاه للبيهقي في «الشعب» عن عمر بن الخطاب.
وأورده بلفظ : الصلاة عمود الدين رقم (١٨٨٩٠) وعزاه لأبي نعيم الفضل بن دكين في «الصلاة» عن عمر.
وأورده بلفظ «الصلاة عماد الدين والجهاد سنام العمل والزكاة تثبت ذلك». رقم (١٨٨٩١) وعزاه للديلمي في «مسند الفردوس» عن علي بن أبي طالب.